الرقي والمراعاة والراحة: تجربة خدمة العملاء اليابانية

تشتهر اليابان منذ زمن طويل بخدمة العملاء العالمية المستوى. تقوم الأعمال اليابانية التي تتعامل مع العملاء بما يفوق ويتجاوز المعتاد في رعايتها للعملاء بفضل الثقافة اليابانية التي تقدر الضيافة والاهتمام بالتفاصيل. دعونا نلقي نظرة على تجربة خدمة العملاء الحديثة في اليابان وبعض النقاط التي تميزها.

الاعتبارات الصغيرة تعني الكثير

يتم النظر بعناية في كل جانب من جوانب تجربة التسوق في المتاجر اليابانية. يتم الحفاظ على نظافة وترتيب طوابق البيع، كما يتواجد الموظفون دائماً في مكان قريب لتقديم المساعدة. عند طاولة الدفع توجد صينية صغيرة من أجل تسليم النقود واستلام الفكة بدون ملامسة الأيدي. حين تقوم بالتسوق، تقوم العديد من المتاجر بلف المشتريات بشكل جميل حسب طلبك. يتمتع موظفو المتاجر في اليابان بمهارة عالية في لف المشتريات بسرعة وأناقة، وكثيراً ما يشكل الاستمتاع بمظهر التغليف جزءاً من المتعة.

بالإضافة إلى وسائل الراحة الصغيرة التي توفرها المتاجر، تقدم العديد من مراكز التسوق الحديثة الكبيرة هذه الأيام مجموعة متنوعة من الخدمات لجعل تجربة التسوق أكثر متعة وسهولة. توفر المراحيض المتعددة الأغراض وأماكن الصلاة وسواها من المرافق تجربة تسوق مريحة لجميع الزوار. يمكن للأمهات والآباء التسوق برفقة أطفالهم براحة بفضل وجود مراحيض تحتوي على كراسي للأطفال وطاولات لتغيير الحفاضات وسواها من المرافق. كما يمكن للسياح الأجانب الاستمتاع بالتسوق المعفي من الضرائب (تحت شروط معينة) وخدمات التوصيل إلى الفنادق والتوصيل الدولي للمشتريات بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من خيارات الدفع.

الناس هم من يصنعون الفرق

في حين أنه من الجيد توافر التغليف الجميل والمرافق المريحة، إلا أن أي شخص جرب خدمة العملاء اليابانية بنفسه يمكنه أن يخبرك أن رعاية وأخلاق الموظفين هي ما يميزها حقاً. عند دخولك إلى إحدى المنشآت، يتم استقبالك عادةً بابتسامة وانحناءة وكلمة "إيراشّايماسي!" بصوت عالٍ. - وهي تعني "أهلاً وسهلاً" باليابانية. لا يزال العديد من العاملين اليابانيين في الواقع يعبرون عن احترامهم بالانحناء حتى عند تحية العملاء عبر الهاتف! عند التحدث باللغة اليابانية، يستخدم الموظفون أسلوب الكيغو، وهو أسلوب تشريفي في الكلام يلعب دوراً أساسياً في التعبير عن الاحترام. على سبيل المثال، استخدام "أريغاتو غوزايماس" ("شكراً جزيلاً") بدلاً من "أريغاتو" المختصرة هو شكل من أشكال الكيغو. يولي موظفو المتاجر اهتماماً كبيراً لاحتياجات العملاء. على سبيل المثال، من الشائع أن يرى المرء الموظفين يركضون عبر المتجر لفتح طاولة دفع أخرى عند أي علامة على بدء وقوف العملاء في طابور. في مطاعم الوجبات السريعة التي يعيد فيها العملاء صوانيهم ويتخلصوا من قمامتهم بأنفسهم عادة، ينتهز العديد من الموظفين الفرصة للقيام بذلك نيابة عنهم. والجدير بالذكر أنه لا توجد في اليابان ثقافة البقشيش، ولذلك فإنه ليس هناك من يتوقع أي مقابل لأفعال الضيافة الصغيرة هذه. إلا أن الجانب الأكثر إثارة للإعجاب في خدمة العملاء اليابانية قد يكون وجود الأخلاق والسلوكيات الواردة أعلاه في جميع أنواع الأعمال، من المطاعم الفاخرة إلى محلات الوجبات السريعة، ومن المتاجر الكبرى الراقية إلى محلات البقالة.

حسن الضيافة حتى في المتاجر الخالية من الموظفين

توجد المتاجر الخالية من الموظفين منذ زمن طويل في اليابان، ويرجع ذلك جزئياً إلى ارتفاع مستوى النظام العام والأمان في البلد. لقد أصبحت المتاجر الخالية من الموظفين مجالاً تجريبياً لتقنيات جديدة مثيرة في السنوات الأخيرة. وهي تتراوح من المتاجر والفنادق ذات أنظمة الدفع الآلي إلى المقاهي التي تعمل فيها روبوتات خدمة. يمكن الشعور بروح الضيافة اليابانية حتى في مثل هذه الأماكن التي لا يوجد فيها موظفو خدمة عملاء. إن الفنادق الجديدة الخالية من الموظفين توفر موظفين متاحين على مدار الساعة عبر خدمة دردشة الفيديو في حال حاجة أحد إلى المساعدة. وقد تم تصميم أحدث محلات البقالة الخالية من الموظفين بحيث لا يتطلب استخدامها أية تطبيقات أو تنزيل أو تسجيل. هذا يجعلها أكثر ملاءمة للجميع، وبشكل خاص لمن قد لا يستخدمون الهواتف الذكية كالأطفال وكبار السن. حتى روبوتات خدمة العملاء، التي بدأت تظهر في السنوات الأخيرة في المقاهي ومحطات القطارات وسواها، مصممة مع أخذ اللباقة بالاعتبار. تقوم العديد من الروبوتات بالابتسام والانحناء أثناء خدمتك بما يتماشى مع آداب السلوك اليابانية، وبعضها يغني ويرقص لك أيضاً!

الترحيب بوجود السياح الأجانب

في هذه الأيام لا يحتاج المرء إلى فهم اللغة للاستمتاع بتجربة خدمة العملاء اليابانية الكاملة. مع الزيادة الأخيرة في أعداد السياح الأجانب، بالإضافة إلى كثرة المقيمين الأجانب في اليابان، بدأت المزيد من المتاجر والمطاعم اليابانية بتلبية احتياجات الأجانب لتوفير نفس مستوى تجربة العملاء للجميع بغض النظر عن العميل أو خلفيته.

تستخدم العديد من سلاسل المطاعم حالياً أكشاكاً وأجهزة لوحية ذات شاشات لمسية لتلقي الطلبات، وغالباً ما توفر هذه الأجهزة لغات متعددة. توجد عند طاولات الدفع في العديد من محلات البقالة سلسلة من الرموز التي تمثل طلبات شائعة متعددة، مثل عيدان تناول الطعام أو الملاعق وما إليها أو تسخين الطعام. من خلال الإشارة إلى هذه الرموز، يمكن للموظفين والعملاء مهما كانت خلفيتهم التواصل على الرغم من حاجز اللغة. حتى المؤسسات الأصغر التي لا تتوفر فيها موارد كالمؤسسات الكبيرة تهدف غالباً إلى الترحيب بالمقيمين الأجانب والسياح من خلال توفير قوائم طعام ولافتات مكتوبة بخط اليد باللغة الإنجليزية.

بفضل التكنولوجيا الدائمة التطور وروح الضيافة الراسخة، أصبحت اليابان مكاناً يمكن للمقيمين والزوار فيه على حد سواء الاستمتاع بخدمة العملاء الممتازة. وسواء كنت في السوبرماركت أو في فندق خمس نجوم، فإنك ستستمتع في اليابان بتجربة ودية ولطيفة ومريحة.