مبادرات النظافة العامة في اليابان

   من المعروف أن اليابان بلد يتمتع بوعي قوي تجاه النظافة. تنتشر بشكل خاص عادات غسل اليدين والغرغرة بشكل يومي، ويلتزم بها نطاق واسع من الناس في البلاد؛ من الأطفال إلى الكبار. لماذا يوجد هذا الوعي الشديد بالنظافة بين اليابانيين؟ في هذه المقالة، سنتعرف على أسباب ذلك، بناءً على الثقافة اليابانية الفريدة والتعليم المدرسي.

الشعب الياباني يحب الاغتسال!؟

   يغسل اليابانيون أيديهم ويتغرغرون عندما يعودون إلى منازلهم من الخارج. يغتسلون في البانيو قبل النوم. حتى أنهم يغسلون المؤخرة باستخدام مراحيض مزودة بشطاف ... كل هذه الأنشطة هي من العادات الحياتية الشائعة للناس في اليابان. يمكنك القول إن اليابانيين يولون أهمية كبيرة لعملية الغسيل من أجل الحفاظ على نظافة أيديهم وأجسادهم. ليس من الشائع في جميع أنحاء العالم أن يكون لدى بلد ما عادات اغتسال عميقة الجذور كهذه. وهذا يوضح مدى قوة وعي اليابانيين بالنظافة.
   تجدر الإشارة إلى أن الناس في اليابان لديهم حب خاص للاستحمام. تظهر نتائج الاستطلاع أن واحدًا من كل ثلاثة أشخاص في اليابان يستحم يوميًا في الصيف، وأن واحدًا من كل شخصين يفعل ذلك في الشتاء أيضًا. يُعتقد أن هذه العادة للاستحمام في اليابان بدأت عندما دخلت البوذية البلاد. جاءت البوذية إلى اليابان في القرن السادس، وذكرت التعاليم البوذية أن الاستحمام "يزيل شيشي بيو (سبعة أمراض) ويجلب شيتشي فوكو (سبع فوائد)". بناءً على هذه التعاليم، تم تركيب الحمامات في المعابد البوذية، وبدأ العديد من الناس في استخدام هذه الحمامات - الكهنة البوذيون والعامة على حد سواء.
   شهد عام 1591 ظهور السينتو، وهو نوع من الحمامات العامة. في ذلك الوقت، كان السينتو نوعًا من حمامات البخار مثل الساونا. يضع الناس النصف السفلي من أجسادهم في الماء، ويتركون البخار يسخن النصف العلوي من أجسادهم. في عام 1877، شهدت اليابان ظهور السينتو بأسلوب الحمام العادي، بأحواض استحمام كبيرة تحتوي على الكثير من الماء. حتى يومنا هذا، تنتشر حمامات السينتو في جميع أنحاء اليابان، ولا تزال هذه الحمامات محبوبة من قبل زوارها.

   ستيفاني كروهين من فرنسا، وهي سفيرة السنتو عينتها جمعية السنتو الثقافية اليابانية. وتقول إن حمامات السينتو اليابانية لها تأثيرات إيجابية على الصحة والجمال أيضًا.

   "يقال إنه عندما يذهب شخص ما إلى حوض الاستحمام في السينتو، يتم تحفيز جسمه بالكامل، وتحدث زيادة في بروتينات الصدمة الحرارية في مجرى الدم. بروتينات الصدمة الحرارية هي بروتينات تعمل على إصلاح الخلايا التالفة. من المتوقع أن تحقق هذه البروتينات تأثيرات إيجابية كالتعافي من الإرهاق وتخفيف التوتر والحصول على بشرة أكثر جمالًا".

   وتقول أيضًا إن حمامات السينتو تلعب دورًا إضافيًا كمرافق مجتمعية وثقافية.

   "تقع حمامات السينتو في وسط كل منطقة، ولذا فهي بمثابة مواقع للتبادل الاجتماعي حيث تلتقي مجموعة كبيرة من الأشخاص بها. إذا ألقيت التحية على الآخرين عندما تدخل غرفة الاستحمام، فسيتحدثون معك جميعًا بطريقة ودية. فوجيسان (الجبل فوجي) هو مثال شهير للوحات الجدارية في حمامات السينتو، ولكن تأتي هذه اللوحات على هيئة مجموعة واسعة من الأنماط والتصاميم الأخرى. وتبرز العديد من اللوحات أشياء كانت رائجة وقت بناء الحمامات. هناك طريقة أخرى للاستمتاع بالسينتو وهي مقارنة اللوحات على جدران كل حمام، ورؤيتها كأنها أعمال فنية".

ستيفاني كروهين، سفيرة السينتو. جربت السينتو لأول مرة في عام 2008 عندما ذهبت إلى اليابان لدراسة الأدب الياباني، ومنذ ذلك الحين بدأت في زيارة السينتو في جميع أنحاء اليابان. وهي تعمل حاليًا على نشر بونكا حمامات السينتو اليابانية (ثقافة حمامات السينتو) بين الناس في اليابان وفي جميع أنحاء العالم من خلال الكتابة والخطب والأنشطة الأخرى. تنشر معلومات حول السينتو كل يوم على موقعها الإلكتروني وعلى صفحات الإنستغرام.
الإنستغرام:https://instagram.com/_stephaniemelanie_/
الموقع الإلكتروني:https://cookie.templtrial.com/

تأتي الوحات الجدارية في حمامات السينتو على هيئة مجموعة واسعة من التصاميم -من أنماط تبدو وكأنها مأخوذة من لوحة كلاسيكية غربية إلى أنماط تشبه الفن الحديث. تبدو هذه اللوحات الجدارية الجميلة وكأنها معروضات من معرض فني، وهي تجلب الهدوء إلى ذهنك وأنت تنظر إليها.

   إن اليابانيين لديهم أيضًا تعلق ملحوظ بالمراحيض. تتميز المراحيض المزودة بشطاف بوظيفة غسل المؤخرة بالماء الدافئ وهي منتشرة في جميع أنحاء المنازل اليابانية وحتى دورات المياه العامة في المدينة. إن العديد من السياح الذين يزورون اليابان من الخارج يعبرون عن صدمتهم من هذه البيئة حيث يمكن للناس استخدام مراحيض مزودة بشطاف، نظيفة وعالية الأداء في أي مكان وفي أي وقت.

   تحتوي المقالة الموجودة في الرابط أدناه على معلومات مفصلة عن المراحيض المزودة بشطاف. لماذا لا تطلع عليها لمعرفة المزيد؟
    الرابط: مرحاض شطف لطيف بالماء الدافئ المتدفق هو نتاج السعي لتحقيق الراحة

يتعلم اليابانيون غسل اليدين والغرغرة في المدرسة

   يمكنك القول إن التعليم المدرسي هو جزء من السبب الذي يجعل اليابانيين لديهم عادات متأصلة للاغتسال. لا يظهر هذا في العديد من البلدان حول العالم، لكن المدارس الابتدائية اليابانية بها فصول يتعلم فيها الطلاب أهمية غسل اليدين والغرغرة. يعد غسل اليدين والغرغرة من العادات الهامة للوقاية من التسمم الغذائي ونزلات البرد. لهذا السبب، تدرس المدارس الابتدائية اليابانية العلاقة بين الجراثيم وغسل اليدين أو الغرغرة، وكذلك الطريقة الصحيحة لغسل اليدين والغرغرة. علاوة على ذلك، يقوم الأطفال بغسل اليدين والغرغرة كل يوم في المدرسة والمنزل. ومن خلال هذه الممارسة، يكتسب الأطفال في اليابان بشكل طبيعي عادات غسل أيديهم والغرغرة.
   المدارس في اليابان لديها أيضًا عمليات تفتيش منتظمة للنظافة تسمى إيسي كينسا. في الإيسي كينسا، يتحقق المعلمون من إحضار الطلاب لمنديل قماشي ومناديل ورقية وقناع طبي، ومن أنهم قد قاموا بقص أظافرهم بشكل صحيح. من خلال عمليات التفتيش هذه، يقوم المعلمون بإرشاد الطلاب حول أهمية الاهتمام بالنظافة والصحة. ينمو لدى الأطفال في اليابان وعي قوي بالنظافة من خلال هذا التعليم.
   يوجد في اليابان العديد من الأنواع المختلفة من المنتجات المعروضة للبيع والتي تتعلق بغسل اليدين والغرغرة. تحتوي محلات السوبر ماركت ومخازن الأدوية على مجموعة كبيرة من العناصر ذات التأثيرات المطهرة، مثل قطع الصابون، والعديد من أنواع صابون اليد المختلفة، والمناديل المطهرة بالكحول، وغسول الغرغرة. تبيع هذه المتاجر أيضًا صابون اليد الذي يوزع الرغوة عند الضغط على المضخة، بالإضافة إلى المنتجات التي تساعد الأطفال على الاستمتاع بتعلم كيفية غسل أيديهم. يطور اليابانيون عادات النظافة من خلال برامج ومنتجات تعليمية مصممة بعناية.

تتضمن الغرغرة وضع الماء في الفم وغسل الحلق وإزالة الجراثيم والأوساخ. تعلم المدارس في اليابان الطلاب أن الغرغرة وغسل اليدين عادات مهمة للوقاية من نزلات البرد.

يقوم موزع صابون اليد هذا بإخراج الصابون على شكل رغوة عند الضغط على المضخة. هذا يجعل غسل اليدين جيدًا أمرا سهلا. (الصور مقدمة من شركة كاو)

عادات النظافة المتجذرة بعمق في حياة اليابانيين اليومية

   اليابان لديها أنواع أخرى كثيرة من عادات النظافة. على سبيل المثال، تقدم المطاعم في اليابان بشكل عام للعملاء شيئًا يسمى أوشيبوري. الأوشيبوريهي عبارة عن منشفة مبللة تستخدم لمسح يديك قبل الأكل. في الآونة الأخيرة، بدأت المزيد والمزيد من المطاعم في تقديم المناديل المبللة بدلاً من الأوشيبوري. يتم تحضير هذه المناديل المبللة عن طريق نقع القماش غير المنسوج في الإيثانول. غالبًا ما يتم تقديم الأوشيبوري في المطاعم اليابانية خارج اليابان أيضًا. يوضح هذا كيف أصبحت هذه المناشف جزءً من الثقافة اليابانية. انتشرت عادة تقديم الأوشيبوري مجانًا للعملاء على نطاق واسع في عصر إيدو (1603-1867). يُعتقد أن الفنادق والمؤسسات الغذائية بدأت في إعطاء هذه المناشف من باب الضيافة، لجلب نوعاً من الهدوء للمسافرين الذين دخلوا إليها. أصبح تقديم الأوشيبوري متجذرًا في اليابان من خلال عدة عوامل: البيئة الحارة والرطبة التي تجعل الناس يتعرقون، وميل الشعب الياباني إلى النظافة، وثقافة الضيافة اليابانية.

في اليابان، تعطي العديد من محلات تناول الطعام الأوشيبوري مجانًا عند الدخول.

إذا قمت بمسح يديك وتنظيفها باستخدام الأوشيبوري قبل تناول الطعام، فإنك تمنع بذلك الجراثيم من الدخول إلى الفم.

   اليابان لديها عادة أخرى متجذرة وهي ارتداء الأقنعة. هذه الممارسة ليست فقط لتجنب الإصابة بالأمراض؛ يتمتع الناس في اليابان بوعي قوي تجاه ارتداء الأقنعة لتجنب التسبب في مشاكل للآخرين أيضًا.

   تقدم المقالة الموجودة في الرابط أدناه مزيدًا من التفاصيل حول التاريخ والعادات المتعلقة بالأقنعة في اليابان.
   الرابط: الأقنعة الطبية في اليابان هي إحدى المستلزمات اليومية

   منذ انتشار فيروس كورونا المستجد، أولى الناس اهتمامًا أكبر من أي وقت مضى لأهمية غسل اليدين والغرغرة وغيرها من جوانب النظافة العامة. أصدر موسيقيون ومشاهير مشهورون في اليابان العديد من الأغاني المختلفة لغنائها عند غسل اليدين. اكتسبت أغاني غسل اليدين هذه شعبية، خاصة بين الأطفال. يقوم الجميع بتقليد الحركات في الأغاني بهمة أثناء غسل اليدين. تعتبر عادات النظافة اليومية أكثر أهمية من أي شيء آخر للوقاية من نزلات البرد والأمراض المعدية الأخرى. إحرص على اتباع عادات بطريقة نشطة مثل غسل اليدين للحفاظ على صحتك.

    فيديو عن غسل اليدين:https://www.youtube.com/watch?v=3UX2o3ccwGA&feature=youtu.be