“شوجين ريوري” — الموضوع البارز اليوم

   يتمتع المطبخ الياباني، حتى في أنحاء العالم كافة، بسمعة مميّزة لكونه صحيًا ولذيذًا ومقدّمًا بطريقة فاخرة. وتشكّل أطباق "شوجين ريوري" جوهر هذا المطبخ، وهي الأطباق التي يتناولها الرهبان البوذيون كجزء من ممارستهم العبادية. تركّز أطباق "شوجين ريوري" على روحانية الطهي مع شعور حقيقي بالتقدير لكل مكوّن يتم استخدامه، وأصبح هذا النوع من المأكولات موضوع نقاشات بارزًا في الوقت الذي يتّجه فيه العالم نحو مفاهيم العافية والمستقبل الأكثر استدامة.

"تينزو كيوكون" (تعليمات للطاهي) — مقالة عن مبادئ "شوجين ريوري"

   دخلت البوذية إلى اليابان في القرن السادس تقريبًا ومعها أتى مفهوم "شوجين ريوري. " لا يتناول الرهبان البوذيون اليابانيون الأسماك أو اللحوم تبعًا لعقيدة عدم القتل وذلك استنادًا إلى المفهوم الروحي للتعاطف. ومنذ نحو 800 سنة، تم إعداد نص يُعرف بـ "تينزو كيوكون" (تعليمات للطاهي) الذي تحوّل إلى الأساس الذي تقوم عليه أطباق "شوجين ريوري" اليوم. تم إعداد الكتاب عام 1237 من قبل زينجي دوجن الذي أسّس معبد "إهيجي" الذي هو أحد المعابد التابعة لطائفة سوتو التي تتبع تعاليم زن البوذية. تشير كلمة "تينزو" إلى رئيس الطهاة في معبد زن، ويؤدي رئيس الطهاة دورًا أساسيًا في تحضير الوجبات للرهبان والقرابين لبوذا. علاوة على ذلك، يُعتبر العمل المتعلق بتحضير الطعام ممارسة عبادية وفقًا لتعاليم زن البوذية التي تركّز على بلوغ التنوير من خلال ممارسة "زازين" (التأمل جلوسًا).

   تطلعنا تعليمات "تينزو كيوكون" على أهمية تقدير قيمة المكوّنات وتحضيرها بعناية لتجنّب أي هدر والاهتمام بالأدوات والطهي مع التفكير بالشخص الذي سيتناول الطبق. وتشير أيضًا إلى ضرورة احترام المكوّنات، ما أدى إلى نشوء روح "موتايناي" اليابانية (وهو شعور بالندم يتعلق بإهدار شيء أو مورد ما) التي نشرتها اليابان الحديثة في أنحاء العالم كافة. بالإضافة إلى ذلك، تُعلّمنا "سانتوكو" (الفضائل الثلاث) طريقة تحضير الطعام وتقديمه، وتشدّد على أهمية تحضيره بشكل مناسب لتسهيل تناوله وإعطائه مظهرًا مرتّبًا وبسيطًا واعتماد القواعد الصحيحة أثناء تحضيره.

   بحسب الرهبان في معبد "إيفوكو جي" التابع لطائفة سوتو التي تتبع تعاليم زن البوذية الذين يعلّمون الناس عن مبادئ "شوجين" "ريوري" والوصفات المتعلقة بها، يبدو الطعام الذي يتم طهيه في معابد زن من النظرة الأولى على أنه عادي وغير مزيّن، ما يساهم في تحسين جاذبيته فحسب، كما هي الحال بالنسبة إلى الحدائق اليابانية التقليدية التي تجذب الزوّار ببساطتها الأنيقة.

أطباق "شوجين ريوري" الحديثة في كل مكان

   تجدّد الاهتمام بنظام "شوجين ريوري" الغذائي في هذه الأيام مع تزايد الاهتمام بالصحة وبأهداف التنمية المستدامة في أنحاء العالم كافة. نتيجة لذلك، بدأنا بملاحظة نشوء نُهج جديدة تتعلق بـ "شوجين ريوري" في اليابان، مثل شركات مستحضرات التجميل التي افتتحت مطاعم استنادًا إلى مبدأ تأمين الصحة والجمال من خلال دمج تعاليم "شوجين ريوري" التقليدية مع مكوّنات ووصفات حديثة. بالإضافة إلى ذلك، رأينا أيضًا ظهور دورات تدريبية سهلة الاستخدام عبر الإنترنت تتيح لجميع الأسخاص التعرّف على "شوجين ريوري."

   يقول صاحب مطعم يقدّم مأكولات "شوجين ريوري" في روبونجي في طوكيو، ويعمل أيضًا على تثقيف الناس في اليابان وخارجها حول مبادئ "شوجين ريوري" إنه "على الرغم من اشتهار هذا النوع من المطابخ بتجنّب تناول اللحوم والأسماك، علينا التذكّر دائمًا أن النباتات هي أيضًا كائنات حيّة بحد ذاتها، ونحن نقدّرها من خلال التأكد من عدم رميها أو هدرها. يمكن الحصول على طعام يرضي الجسد والروح على حدّ سواء باستخدام الخضروات فقط من خلال الإبداع وتقنيات الطهي التي تطلّب تطويرها تاريخًا عريقًا في الطهي. بالإضافة إلى الأطباق التقليدية، أنشأ المطعم أشكالاً حديثة من أطباق "شوجين ريوري" من خلال تقديم خيارات تحتوي على مكوّنات لم تكن تُستخدم في أطباق "شوجين ريوري" الكلاسيكية، مثل الطماطم والقرنبيط والحبق.

   تم توارث وصفات شوجين ريوري عبر الأجيال على مدى أكثر من ألف سنة. وتبيّن أنها تتناسب جيّدًا مع الحياة العصرية بفضل روح موتايناي وبروز الروحانية والاهتمام بالصحة لدى الكثير من الأشخاص الذين عمدوا إلى دمج هذه التعاليم في حياتهم اليومية.