التطوّر الياباني الحقيقي للساونا

   تشتهر غرف الساونا كثيرًا في اليابان. نشأت الساونا أولاً في فنلندا، لكنها انتشرت في مختلف أقطار العالم لتصل إلى اليابان حيث حظيت برواج كبير لسنوات عدة وأصبحت جزءًا لا يتجزّأ من الحياة اليومية اليابانية. تعرّف إلى تاريخ الساونا في اليابان، والسبب الكامن وراء شهرتها الكبيرة اليوم.

تاريخ الساونا في اليابان

   بدأ تاريخ الساونا عام 1957 عندما تم تركيب ساونا جافة تم فيها استخدام أنابيب بخار لتسخين غرفة الساونا في حمامات "Tokyo Onsen"( حمامات الينابيع الساخنة) في جينزا، أحد أشهر مناطق التسوّق في طوكيو. بعد بضع سنوات، أحضر الرياضيون الفنلنديون معدات الساونا إلى قرية الرياضيين في دورة طوكيو للألعاب الأولمبية لعام 1964، وأصبح ذلك بالتالي موضوعًا رائجًا وحديث الصحافة. وبسبب ذلك، اكتسبت الساونا شعبية كبيرة في كل أنحاء البلد، بحيث شكّلت حمامات "Tokyo Onsen" والألعاب الأولمبية الشرارة التي أشعلت أول ظاهرة "ازدهار الساونا" في اليابان.

   من بعد ذلك، حصلت ظاهرة "ازدهار الساونا" الثانية في السبعينيات والثمانينيات. تم بناء "Spa lands" (مراكز السبا) في المدن وعلى الطرق الرئيسية، وهي عبارة عن أماكن للاسترخاء تجمع ما بين الحمامات العامة وغرف الساونا وقاعات التدليك والمطاعم، وأصبحت رائجة للغاية لدى العائلات. وساهمت إضافة غرف الساونا إلى ازدياد شعبيتها لدى عامة السكان. حتى ذلك الحين، كانت معظم غرف الساونا التي بُنيت في المدينة مخصصة للرجال فقط، إلا أن "مراكز السبا" كانت تضمّ غرف ساونا منفصلة للرجال والنساء على حد سواء، مما أدى إلى ازدياد شهرة الساونا لدى النساء.

   اليوم، أصبحت غرف الساونا تحظى بشعبية كبيرة مرة أخرى، ونحن نشهد ظاهرة ازدهار ساونا ثالثة. أصبحت الكتب الهزلية التي تظهر غرف الساونا مشهورة جدًا. وأصبح الفعل "totonou" الياباني الذي يصف الشعور المنعش الذي تتمتع به عندما تنتقل من التعرّق في الساونا إلى الغطس في حمام بارد متداولاً ما بين الشباب في العشرينيات والثلاثينيات من عمرهم، كما أصبحت تجربة الساونا مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بزيارة حمام عام.

السحر الفريد للساونا اليابانية

   إن الطريقة التي اشتهرت بها الساونا هي خاصة باليابان. تُعدّ غرف الساونا في اليابان واحدة من الخيارات التي توفّرها مرافق الينابيع الساخنة، إلى جانب الحمامات والمطاعم والتدليك وغرف الاسترخاء. تشكّل القدرة على الاسترخاء بفضل كل هذه التجارب عامل جذب رئيسيًا للناس. تحتوي عادةً غرف الاسترخاء على كتب هزلية أو مجلات للقراءة. لذا بعد الاستحمام والجلوس في غرفة الساونا، يمكن للأشخاص الاستمتاع بتدليك والتلذذ ببعض المأكولات وقراءة الكتب الهزلية في غرفة الاسترخاء، حتى أنه يمكنك الحصول على قسط من النوم إذا كنت تشعر بالنعاس. يمضي الكثير من الناس وقتهم خارج العمل في هذه المرافق. تتوفّر أيضًا بعض المرافق حيث يمكنك مشاهدة التلفزيون في غرفة الساونا. بعبارة أخرى، أصبحت الساونا اليابانية شكلاً من أشكال الترفيه.

لا تزال الساونا شائعة في اليابان

   تتطوّر ظاهرة "ازدهار الساونا" الثالثة بشكل مختلف قليلاً عن الظاهرتَين الأولى والثانية، إذ بدأت أساليب الساونا نفسها بالتغيّر.
   تُعدّ "خيمة الساونا" أحد هذه الأساليب الجديدة. يمكنك الاستمتاع بالساونا في قلب الطبيعة داخل خيمة تمت تدفئتها بواسطة موقد حطب مكدّس بحجارة للساونا. أما الخيار الثاني فهو "rouryu" (يعود أصلها إلى كلمة "löyly" الفنلندية التي تعني "بخار الساونا"). تُعدّ "rouryu" نوعًا من أنواع الساونا حيث يتم سكب المياه التي تحتوي على الزيوت العطرية فوق أحجار الساونا الساخنة للحصول على بخار. وبالتالي يملأ هذا البخار غرفة الساونا بالحرارة. بعد التعرّق في غرفة الساونا، يمكنك الاستحمام في البحر أو النهر أو البحيرة بدلاً من أخذ حمام بارد. يُشكّل التعرّق في غرفة الساونا والاستحمام بين أحضان الطبيعة الخلابة تجربةً منقطعة النظير لا يمكن الحصول عليها كل يوم.

   تتوفّر أيضًا تجارب ساونا أخرى تسمح لك اختبار تقنيات ساونا غريبة مثل "Aufguss" و"Whisking". إن "Aufguss" هو أسلوب ألماني للساونا يتضمن سكب المياه على أحجار الساونا الساخنة والسماح للبخار الناتج من ذلك بالوصول إلى جسمك. إن هذه التقنية هي نفسها المستخدمة في إنتاج البخار في أسلوب "Ryouru" ، إلا أنها تتميّز بالشخص الذي يستخدم منشفة لنشر البخار فوق جسم المُستحمّ، مما يجعل تقنية "Aufguss" فريدة. إن "Whisking" هي طريقة شعبية للاستمتاع بالساونا في أوروبا الشرقية، حيث تُحمّي جسمك في غرفة الساونا لتقوم بعدها بالتربيت عليه باستخدام رزمة من الأغصان والنباتات تُعرف باسم "whisk" (المقشة".

   تعرّف هذه الأنواع من الساونا المزيد من الأشخاص على تجربة الساونا.

   لا تزال الساونا رائجة جدًا في اليابان حتى هذا اليوم. وثمة طرق للاستمتاع بالساونا في اليابان لا يمكنك العثور عليها في أي بلد آخر. عند زيارة اليابان، احرص على الاستمتاع بتجربة الساونا اليابانية.