مواد يابانية جديدة مستدامة بامتياز
تعمل الشركات اليابانية من مختلف القطاعات على تطوير مواد جديدة في إطار السعي إلى إنشاء مجتمع مستدام. وهي تعتمد على مجموعة واسعة من مواد المصدر، مثل الأرز والخضروات التي تم التخلص منها، والأقمشة التي لم تلبِّ المعايير الصارمة لجودة المنتجات، وكسرات البورسلين الياباني. ما هي أنواع المواد الجديدة التي ستظهر من خلال إعادة استخدام مخلفات المنتجات هذه التي كان يتم التخلص منها ببساطة؟
مكافحة هدر الطعام بفضل ورق الأرز ومواد البناء المصنوعة من الطعام
أصبح هدر الطعام مشكلة خطيرة في أنحاء العالم كافة، بما في ذلك اليابان. اتّبعت شركتان نهجًا جديدًا لمعالجة هذه المشكلة من خلال تطوير مواد جديدة من الأطعمة التي تم التخلص منها وإعادة تدويرها.
نجحت أولى هاتين الشركتَين في صنع مادة جديدة أقوى من الإسمنت من الأطعمة التي تم التخلص منها. يتم تجفيف الأطعمة التي تم التخلص منها والخضروات التي لا تلبّي المستوى المطلوب وسحقها ووضعها في قوالب وتشكيلها باستخدام الضغط الحراري. يمكن استخدام المادة التي يتم الحصول عليها من خلال هذه العملية في صناعة الأثاث، وهناك آمال كبيرة لاستخدامها في المستقبل كمواد بناء.
طوّرت الشركة الثانية نوعًا جديدًا من الورق المصنوع من الأرز الذي هو الطعام الأساسي في اليابان. تشهد بنوك الطعام رواجًا أكثر في اليابان اليوم حيث يمكن للأشخاص المحتاجين الحصول على مساعدات غذائية. ابتكرت هذه الشركة مادة جديدة مصنوعة من الأرز المنتهي الصلاحية الذي يؤخذ من بنوك الطعام أو مخزونات الأرز المخصصة لحالات الكوارث. يُطحن الأرز ليصبح دقيق الأرز ويُخلط مع المواد الخام المستخدمة في صناعة الورق.
استمدّت هذه المادة الورقية الجديدة المصنوعة من دقيق الأرز بعض الإلهام من الثقافة اليابانية التقليدية. وتم رسم لوحات "أوكيو-إي"، التي أصبحت تمثل الفن الياباني، على ورق مصنوع من خليط معجون الأرز ودقيق الأرز للحصول على المواد الخام. حاز الأرز تقديرًا كبيرًا بفضل الطريقة التي أضفى بها اللون الأبيض والنعومة إلى الورق، ما أدى إلى إبراز جمال لوحات "أوكيو-إي"، وكذلك منع الصور من الظهور من الجانب الخلفي من الورق. تتميز المادة الورقية الجديدة أيضًا بلون أبيض مميز وملمس ناعم وسلس. وتأتي هذه المادة الجديدة وليدة اقتران ما بين التقاليد اليابانية والتكنولوجيا الحديثة.
مادة جديدة ذات ملمس طبيعي مصنوعة من الأقمشة بمعايير دون المستوى
على الرغم من أن قطاع الأزياء الياباني ينتج منتجات عالية الجودة، إلا أنه يتم رفض كميات كبيرة من الملابس لعدم تلبيتها معايير الجودة الصارمة، مما يشكّل مشكلة. في هذا السياق، اغتنمت شركة فرصة رائعة ونجحت في استخدام تقنية جديدة تمامًا لإعادة تدوير الأقمشة دون المستوى بشكل جميل عن طريق تقويتها بالراتنج المشتق من النباتات لابتكار مادة جديدة.
تتميز هذه المادة الجديدة بقوامها الطبيعي ويتم تصنيعها عن طريق وضع طبقات من الأقمشة التي كان سيتم التخلص منها مع طبقات من الراتنج واستخدام تقنية الضغط الحراري بحيث يتغلغل الراتنج في القماش، ما يسمح له بالتصلب. لا يمكن استخدام المادة الجديدة بالطريقة نفسها التي يتم بها استخدام الخشب فحسب، بل يمكن أيضًا تحويلها إلى صفائح ذات مظهر أنيق وملمس فريد، مثل الحجر الطبيعي أو ألياف الخشب، لتصبح بالتالي متميزة تمامًا عن القماش الأصلي. تفتح ميزة تعددية الاستخدامات هذه المجال أمام أسواق جديدة في مجالات متعددة، مثل البناء والتصميم الداخلي.
كرتون مصنوع من كسرات البورسلين التقليدي
عندما يتم نقل البورسلين في اليابان الحديثة، تكون معظم التغليفات مصنوعة من الكرتون المقوّى المموّج. بدأ استخدام مادة جديدة في صنع هذا الكرتون المقوّى المموّج عن طريق إعادة تدوير كسرات البورسلين التي يتم رميها في مكبات النفايات أكثر من النفايات الصناعية.
طوّرت شركة من مدينة معروفة بصناعة البورسلين نوعًا جديدًا من الورق عن طريق خلط كسرات البورسلين المسحوقة مع المواد الخام المستخدمة في صناعة الكرتون. يتم استخدام هذا الكرتون بعد ذلك كمواد تغليف لمنتجات البورسلين، مما أدى إلى ظهور نظام للحد من النفايات يقوم بتدوير الموارد في هذا المركز المزدهر لإنتاج البورسلين.
نتجت هذه المواد اليابانية المستدامة الجديدة والمميزة من المشاكل التي تحصل أمام أعيننا، مثل رمي النفايات ببساطة، وهي تمثل خطوة جديدة نحو حلّ هذه المشاكل.