تكنولوجيا التنبؤات الجوية
![](/trends/img/tec202103_weather-forecast-technology01.jpg)
هيماواري ٨ وهيماواري ٩، الأقمار الصناعية الجوية اليابانية التي تمتلك أحدث وظائف المراقبة الجوية في العالم. (الصورة مقدمة من هيئة الأرصاد اليابانية)
تستمر تكنولوجيا التنبؤات الجوية في اليابان في تحسين دقتها كل عام. تستخدم التنبؤات الجوية في اليابان المراقبة الجوية من سطح الأرض، والحواسيب العملاقة، والأقمار الصناعية الجوية في الفضاء، وغيرها من الطرق الأخرى مجتمعة. تساعد التنبؤات الجوية الناس في حياتهم الاجتماعية والاقتصادية، وكذلك لتجنب الكوارث. هذه المقالة تلقي الضوء على تكنولوجيا التنبؤات الجوية المتقدمة في اليابان.
التنبؤات الجوية في اليابان
تتعرض اليابان إلى أمطار غزيرة وأعاصير وكوارث طبيعية أخرى منذ العصور القديمة، مما دعا أسلافها إلى بذل جهوداً مختلفة لتطوير التكنولوجيا المطلوبة للتنبؤ بالجو. في الوقت الحالي، يقوم خبراء الأرصاد الجوية باتخاذ قرارات شاملة عن طريق جمع أنواع متعددة من البيانات التي تم رصدها وإصدار تنبؤات رقمية باستخدام الحواسيب العملاقة أو غيرها من الأجهزة الأخرى، وذلك إلى جانب الرجوع إلى البيانات التي تم رصدها عن طريق الأقمار الصناعية الجوية، والرادارات الجوية، ونظام آخر يطلق عليه AMeDAS. وبناء على هذه البيانات، يقوم خبراء الأرصاد الجوية بتقديم تقارير عن الطقس وإصدار التحذيرات وغيرها من المعلومات الأخرى. تقوم هيئة الأرصاد الجوية اليابانية AMeDAS (النظام الآلي للحصول على معلومات الطقس) بإرسال بيانات القياس عن هطول الأمطار واتجاه الرياح وسرعة الرياح ودرجة حرارة الجو والرطوبة وغيرها من التفاصيل الأخرى بشكل آلي من حوالي ١٣٠٠ محطة. يُستخدم نظام AMeDAS أيضاً في تحليل مستوى المخاطر الناجم عن الأمطار الغزيرة والفياضانات وغيرها من الأخطار الأخرى. فهو يقوم بتحليل المعلومات المأخوذة من الرادارات عن هطول الأمطار ويقوم بالربط بينها وبين بيانات الأخطار القديمة لخلق صور مُشفرة بالألوان كل ١٠ دقائق تظهر المناطق التي بها احتمالات خطورة. هذه التكنولوجيا تُستخدم في صفحة هيئة الأرصاد الجوية اليابانية وتطبيق الهواتف الذكية الذي تم إنشاؤه بواسطة شركة معاونة لمساعدة المواطنين على تجنب الكوارث.
مثال لمحطة AMeDAS. (الصورة مقدمة من هيئة الأرصاد الجوية اليابانية)
مثال لخريطة المخاطر. (الصورة مقدمة من هيئة الأرصاد الجوية اليابانية)
المساهمات المقدمة للدول الأخرى من خلال الرصد من الفضاء
مراقبة الطقس في اليابان وصلت إلى الفضاء عام ١٩٧٧. في الوقت الحالي، يعمل قمران صناعيان هما هيماواري ٨ (بدأ عام ٢٠١٤) وهيماواري ٩ (بدأ عام ٢٠١٦) معاً لمراقبة الطقس. هذان القمران الصناعيان يدوران بنفس معدل دوران الأرض، ويقومان بمراقبة الظواهر الجوية بشكل مستمر مثل الأعاصير والمنخفضات الجوية وموجات الطقس. توجد بضع نقاط فقط لمراقبة الأعاصير من على سطح البحر، لذلك فمن الضروري استخدام الأقمار الصناعية بشكل خاص لمراقبتهم. هيماواري ٨ و٩ لديهم "وظيفة مراقبة ديناميكية عالية التردد" لمراقبة أي نقطة معطاه كل دقيقتين ونصف، مما يسمح لهم متابعة الأعاصير بشكل تلقائي ومراقبتها بطريقة مكثفة.
أيضاً فإن هيئة الأرصاد الجوية اليابانية تقدم خدمة تسمى طلب هيماواري والتي تستخدم الأقمار الصناعية للقيام ببعض المراقبات الجوية استجابة للطلبات المقدمة من هيئات الأرصاد الجوية في الدول الأخرى. من خلال هذه الخدمة، تقوم الأقمار الصناعية بملاحظة المنطقة ذات الصلة خلال ساعة واحدة من تلقيها الطلب، وتقوم بإرسال البيانات التي تم رصدها في الوقت الفعلي. يمكن للدول التي تتلقى معلومات من خلال هذه الخدمة أن تبقى حذرة وتتخذ الإجراءات اللازمة لمواجهة الكوارث الطبيعية خلال مرحلة مبكرة. بهذه الطريقة، تساهم الأقمار الصناعية الجوية هيماواري في تقليل مخاطر الأخطار في الدول الأخرى أيضاً.
مثال للصور الملونة التي يمكن التقاطها بواسطة هيماواري ٨ والأقمار الصناعية اللاحقة (هذه صورة لإعصار)، وهيماواري ٨ مع هيماواري ٩. (الصورة مقدمة من هيئة الأرصاد الجوية اليابانية)
مثال للصور التي تم تقديمها بواسطة خدمة طلب هيماواري. (على اليسار: جمهورية كيريباتي في المحيط الهادي / على اليمين: إعصار في أستراليا) (الصورة مقدمة من هيئة الأرصاد الجوية اليابانية)
الحواسيب العملاقة والتزايد في دقة التنبؤات
Cray XC50 حاسوب عملاق موجه للمهام المتعلقة بالجو. (الصورة مقدمة من هيئة الأرصاد الجوية اليابانية)
K computer (الصورة مقدمة من RIKEN معهد الأبحاث الفيزيائية والكيميائية)
Supercomputer Fugaku (الصورة مقدمة من RIKEN معهد الأبحاث الفيزيائية والكيميائية)
شهدت التنبؤات الجوية في اليابان ارتفاع مذهل في الدقة من خلال التقدم في نماذج التنبؤات الرقمية والتطور التكنولوجي في الحواسيب. قامت هيئة الأرصاد الجوية اليابانية بإدخال حاسوب كبير عام ١٩٥٩، ومنذ ذلك الحين استمرت في عمل التحسينات بشكل مستمر. حالياً، تقوم الهيئة بتشغيل Cray XC50 (أقصى أداء نظري ١٨ بيتافلوب؛ بسعة تخزينية رئيسية ٥٢٨ تيرابايت)، وهو الحاسوب العملاق العاشر الموجه للمهام المتعلقة بالجو. هذه الألة تستخدم ١٧ نوع من نماذج التنبؤات لحساب التغيرات في الرياح ودرجة الحرارة والعوامل الأخرى على مدار الزمن من أجل التنبؤ بحالة الجو.
K computer هو أول حاسوب في العالم يقوم بعمل محاكاة لجو الكرة الأرضية بأكملها بجودة صور عالية الدقة. في عام ٢٠١٥، أوضح هذا الحاسوب أنه من الممكن التنبؤ بحدوث إعصار قبل وقوعه بأسبوعين. وباستخدام أحدث supercomputer Fugaku، يهدف تطوير الأبحاث في هذا المجال إلى التنبؤ بحدوث أمطار غزيرة بشكل مكثف وغيرها من الأحداث الأخرى عن طريق التنبؤ الرقمي خلال مرحلة مبكرة. هذا النظام يستخدم بيانات كبيرة يتم رصدها وارسالها كل عشر دقائق من هيماواري ٨ وغيره من الأجهزة الأخرى.
TOKYO SKYTREE هو محطة لأبحاث الطقس
![](/trends/img/tec202103_weather-forecast-technology13.jpg)
TOKYO SKYTREE لا يوجد حوله أية معوقات. ©TOKYO SKYTREE
يشتهر TOKYO SKYTREE (طوله ٦٣٤ متر؛ حوالي ٢٠٨٠ قدم) بكونه أطول برج للبث قائم بذاته. كما أنه أيضاً محطة بحثية ذات قيمة عالية للعالم بما يحتويه من مرافق للرصد مجمعة به لإجراء الأبحاث على الجو أعلى المدينة. يساعد البرج على إجراء أحدث الأبحاث عن طريق الاستفادة من ارتفاعه. عند ارتفاع ٤٩٧ (حوالي ١٦٣١ قدم)، يتم عمل الأبحاث لفهم خصائص الرعد والبرق اللذان يحدثان أعلى المدينة، وعند ارتفاع ٤٥٨ مير (حوالي ١٥٠٣ قدم)، يتم تجميع الهباء الجوي من الجو وإجراء الأبحاث التحليلية على الجزيئات التي تسبب تجمد قطرات السحب. وعند ارتفاع حوالي ٢٥٠ متر (حوالي ٨٢٠ قدم)، يتم عمل الأبحاث على ثاني أكسيد الكربون وغازات الاحتباس الحراري الأخرى الموجودة في الجو التي يتم انبعاثها من طوكيو. ومن المتوقع أن تستطيع هذه الأبحاث عند هذا الارتفاع تحديد مصدر هذه الانبعاثات (سواء كانت هذه الغازات منبعثة من النباتات أو الوقود الأحفوري).
مواضع مرافق الأبحاث في TOKYO SKYTREE. (الصورة مأخوذة من المادة المقدمة من ©TOKYO SKYTREE)
يرصد الدكتور ريوهيه ميسومي من المعهد القومي للبحوث لعلوم الأرض وتحمل الكوارث قطرات السحب من على نقطة ارتفاع ٤٥٨ متر من البرج. يقول: "إن خصائص TOKYO SKYTREE تسمح لنا بقياس حجم وعدد قطرات السحب داخل السحب، إلى جانب عقد مقارنات دقيقة مع البيانات المجمعة من رادارات السحب. في الوقت الحالي، نحن نعلم أنه يمكننا اكتشاف الأمطار قبل نزولها بسبعة عشر دقيقة، ونحن نسعى إلى اكتشاف الأمطار الغزيرة المفاجئة وغيرها من الأحداث الأخرى خلال مرحلة مبكرة. نتمنى أن يستطيع الناس الذين يعملون في الخارج على وجه الخصوص استخدام هذا الوقت للتحرك وحماية أرواحهم".
يقال إن كثرة نزول الأمطار الغزيرة والارتفاع الشديد في درجات الحرارة هو نتيجة لتغير المناخ ولعوامل أخرى. في عام ٢٠٠٤، تم إعلان نتائج محاكاة لارتفاع درجة حرارة الجو في المستقبل أُنتجت بواسطة استخدام نموذج نظام الأرض، وقد أحدثت النتائج صدمة للناس في جميع أنحاء العالم.
صور تبين محاكاة للتغير في درجة حرارة الجو بين عام ١٩٥٠ و٢١٠٠ باستخدام نموذج نظام الأرض. يمكنك رؤية الارتفاع في درجة حرارة الجو من خلال الألوان. (الصورة مقدمة من الوكالة اليابانية لعلوم وتكنولوجيا البحار والأرض)
قامت الوكالة اليابانية لعلوم وتكنولوجيا البحار والأرض بتطوير نموذج نظام الأرض، وجذبت انتباه العالم عام ٢٠١٨ عندما استخدمت الذكاء الاصطناعي في التنبؤات الجوية ونجحت في اكتشاف إعصار استوائي محتمل بدقة عالية قبل حدوثه بأسبوع.
تم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل عدد كبير من صور الأعاصير الاستوائية. (الصورة مقدمة من الوكالة اليابانية لعلوم وتكنولوجيا البحار والأرض)
في اليابان، تقوم المعاهد القومية والشركات الخاصة بتعزيز الأبحاث والتطوير باستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل إيجابي، كما أنه يتم إجراء الأبحاث على التنبؤات الجوية التي تستخدم الذكاء الاصطناعي. يجب علينا في المستقبل أن نعير تكنولوجيا التنبؤات الجوية اهتمامنا بإجراء الأبحاث المتقدمة بشكل مستمر للحد من الدمار ومنع الكوارث عن طريق استعدادنا للكوارث الطبيعية، وللمساعدة في حل المشاكل العالمية للبيئة.