الهندسة المعمارية الخشبية اليابانية اليوم

أصبح استخدام الخشب يُعتبر وسيلةً لبلوغ مجتمع خالٍ من الكربون وللمساعدة في منع الاحتباس الحراري. نتناول هنا التقنيات اليابانية التقليدية المستخدمة في الهندسة المعمارية الخشبية المستدامة المعتمدة منذ العصور القديمة، بالإضافة إلى المبادرات الحالية والمبادرات المستقبلية.
كيوميزو-ديرا — معبد لا يزال قائمًا بعد مئات الأعوام
تم بناء أحد المباني الخشبية التقليدية في اليابان وهو معبد كيوميزو-ديرا في كيوتو منذ حوالى 1200 عام. ويعود تاريخ مبنى القاعة الرئيسية الحالية إلى عام 1633، وتمت إعادة بناؤه مرارًا وتكرارًا كل مرة شبّ فيها حريق.
القاعة الرئيسية لمعبد كيوميزو - ديرا. لم يتم استخدام أي مسامير في أعمدتها.
بالإضافة إلى الإصلاحات المنتظمة، تخضع شرفة القاعة الرئيسية في معبد كيوميزو-ديرا لأعمال تجديد كبرى مرة كل 20 عامًا تقريبًا، وسقفه مرة كل 40 إلى 50 عامًا. وتمت مؤخرًا إعادة تسقيف القاعة الرئيسية للمرة الأولى منذ 50 عامًا بلحاء أشجار السرو اليابانية باستخدام تقنية تسقيف معروفة باسم "هيوادابوكي" المستخدمة من قبل المهندسين المعماريين اليابانيين التقليديين والمسجلة في اليونسكو كتراث ثقافي غير مادي.
(إلى اليمين) أعمال تجديد كبرى في القاعة الرئيسية لمعبد كيوميزو-ديرا (2019)(إلى اليسار) أعمال إعادة التسقيف باستخدام لحاء أشجار السرو اليابانية (2018) (تم الحصول على الصور بإذن من قسم الممتلكات الثقافية، المجلس التعليمي في محافظة كيوتو)
تم صنع الأعمدة التي تدعم شرفة قاعة معبد كيوميزو-ديرا من أشجار الزلكوفا اليابانية التي يبلغ عمرها حوالى 400 عام. وتعادل متانة خشب الزلكوفا ضعف عمر الأشجار التي تُصنع منها تقريبًا. بالإضافة إلى ذلك، يتم إعداد مواد البناء لأعمال التجديد الكبرى التي ستكون ضرورية خلال الأعوام الـ 400 القادمة من خلال زراعة الأشجار في الغابات التي يملكها معبد كيوميزو-ديرا في كيوتو.
الاستخدام المكثف للخشب في أماكن إقامة الألعاب الأولمبية في طوكيو
يتألف حوالى 40% من مناطق الغابات في اليابان من غابات مزروعة بشكل اصطناعي في خمسينيات القرن الماضي. أصبحت هذه الأشجار ناضجة بالكامل الآن وجاهزة للاستخدام، وإذا تُركت على حالها ببساطة، فستتلف وقد يؤدي ذلك إلى كوارث مثل الانهيارات الأرضية.
حان الوقت لقطع الأشجار الناضجة واستخدامها وتجديد الغابة من خلال زرع أشجار جديدة. (تم الحصول على الصور بإذن من شركة Sumitomo Forestry Co., Ltd.)
يمكننا تجديد الغابات من خلال قطع الأشجار الناضجة واستخدامها في المباني الكبيرة وغيرها، ثم زرع أشجار جديدة. خلال مراحل نموّها، تمتص الغابات الحديثة كمية كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، ما يساعد في منع الاحتباس الحراري.
تم استخدام الكثير من الخشب لبناء أماكن إقامة الألعاب الأولمبية والألعاب البارالمبية في طوكيو في صيف 2021. وهذا أحد الإجراءات الملموسة الكثيرة التي يمكننا اتخاذها الآن لمساعدة البيئة العالمية.
صمم ملعب اليابان الوطني المهندس المعماري المشهور عالميًا كينغو كوما، وتم استخدام الخشب من كل أنحاء اليابان في واجهته.
تم استخدام الخشب بشكل مكثف أيضًا في مركز أرياكي للجمباز. ويُعدّ قوس الخشب الذي يبلغ طوله 90 مترًا والذي يدعم السقف أحد أكبر الأقواس الخشبية في العالم. (تم الحصول على الصور بإذن من سوزوكي كينيتشي [من الخارج] وشركة Kato Toshifumi, SS Co., Ltd. [من الداخل])
تحدي بناء مبانٍ شاهقة خشبية بالكامل ومقاومة للحريق
تبني إحدى شركات البناء مبنى شاهقًا خشبيًا بالكامل كجزء من الجهود الرامية إلى بلوغ مجتمع خالٍ من الكربون. من خلال استخدام الخشب في البنية بكاملها، بما في ذلك الأعمدة والدعامات والأرضيات، تحاول هذه الشركة الحفاظ على نسبة منخفضة من ثاني أكسيد الكربون وخفض الانبعاثات لتقليل أثرها البيئي.
(إلى اليمين) مبنى شاهق مقاوم للحريق ومؤلف من 11 طابقًا ومصنوع من الخشب بالكامل وبنائه (تم الحصول على الصور بإذن من
شركة Obayashi Corporation)
لكن يجب التغلب على الكثير من التحديات عند بناء مبنى شاهق خشبي بالكامل في بلد مثل اليابان حيث تحدث الكثير من الزلازل. تم في المبنى، المزوّد بأنظمة عزل زلزالي، استخدام وحدات خشبية مطوّرة حديثًا يمكنها تحمل الزلازل بفضل قوتها وصلابتها، من خلال وضع الوحدات عند الوصلات ما بين الأعمدة والعوارض حيث تكون فيها قوة الزلزال في أقصى درجاتها. تبني شركة البناء مبانٍ خشبية سنتمكن من استخدامها براحة بال لفترة طويلة.
الهندسة المعمارية الخشبية المستقبلية المراعية للبيئة وللأشخاص
بدأت شركة عريقة تشارك في قطاع الغابات منذ أكثر من 300 عام بالعمل على بحث ووضع مفهوم تطوير لبناء ناطحة سحاب خشبية مؤلفة من 70 طابقًا (بارتفاع 350 مترًا) لاستخدام خصائص الخشب إلى أقصى حد وتوفير بنية مراعية للبيئة سيستمتع بها الأشخاص.
صور لناطحة سحاب خشبية سيتم بناؤها بحلول عام 2041 باستخدام خصائص الخشب المراعية للبيئة وللأشخاص. (تم الحصول على الصورة بإذن من شركة Sumitomo Forestry Co., Ltd. وشركة Nikken Sekkei Ltd.)
يتطلب بناء ناطحات السحاب استخدام كميات هائلة من الخشب، لذلك يتم اتخاذ خطوات إضافية في ما يتعلق بإعادة التشجير لتلبية الطلب المتزايد على المباني الخشبية في المستقبل. ويحاول الباحثون تحسين كفاءة زراعة الغابات من خلال جمع المعلومات الجينية من الأشجار وتحليلها واختيار الشتول الأفضل.
بحث حول الاختيار الجينومي والزراعة. (تم الحصول على الصور بإذن من شركة Sumitomo Forestry Co., Ltd.)
بدأ عصر جديد من الهندسة المعمارية الخشبية في اليابان، وهو عصر يعتمد على الفلسفة المستدامة المتجسدة في البناء الخشبي التقليدي.