تكنولوجيا الفضاء الأصلية من المستوى العالمي في اليابان
![إطلاق صاروخ H-IIA](/trends/img/tec202302_aerospace-technology01.jpg)
طوّرت اليابان، التي تتميّز بأكثر القدرات التكنولوجية تقدمًا في العالم، تكنولوجيا أصلية في مجال الفضاء، وأجرت أول مهمة ناجحة لجمع عيّنات من مادة الكويكبات وإحضارها إلى الأرض، وهي تمضي قدمًا في تطوير أول قمر صناعي صغير للغاية في العالم يمكن أن يتّسع في راحة اليَد. تساهم اليابان أيضًا بشكل كبير بصفتها أحد البلدان الخمسة عشر التي تساعد في إدارة محطة الفضاء الدولية (ISS).
التكنولوجيا اليابانية لإطلاق الصواريخ العالية الارتفاع
بدأ تاريخ تكنولوجيا الفضاء اليابانية عام 1955 مع إطلاق صاروخ على شكل قلم رصاص صغير جدًا يبلغ طوله 23 سم بنجاح. وفي وقت لاحق من عام 1970، نجحت اليابان في إطلاق أول قمر اصطناعي لها من صاروخ يبلغ طوله 16,5 م، وهو رابع إطلاق لقمر اصطناعي من هذا النوع في تاريخ العالم. وبعد أكثر من نصف قرن من الأبحاث التي ما زالت تشهد تقدمًا، ظهرت أحدث نسخة مكررة من صاروخ إبسيلون.
تم الحصول على الصورة بإذن من وكالة JAXA.
على مدى السنوات القليلة الماضية، كانت إحدى الشركات اليابانية تستفيد من تجربتها في الأبحاث المشتركة مع وكالة استكشاف الفضاء اليابانية (JAXA) من أجل ابتكار صاروخها الخاص وإطلاق خدمة نقل الأقمار الاصطناعية إلى الفضاء لأغراض بحثية وأعراض أخرى. في هذا الإطار، تأتي هذه المبادرات المقترنة بقدرات اليابان التكنولوجية الفريدة لتكسر الحواجز التي تعرقل الوصول إلى الفضاء.
التكنولوجيا اليابانية المستخدمة في محطة الفضاء الدولية (ISS)
تشكّل وحدة الاختبارات اليابانية، المعروفة أيضًا باسم "كيبو" الذي يعني "الأمل" باللغة اليابانية، إحدى الطرق التي تعتمدها اليابان للمساهمة في عمليات محطة الفضاء الدولية. تم استخدام هذه الوحدة، التي عمدت اليابان إلى تطويرها وجمعها وتشغيلها لاحقًا في محطة الفضاء الدولية لإجراء تجارب في بيئة الفضاء المنخفضة الجاذبية. وتم تجهيز وحدة كيبو بآلية تحمل اسم "جهاز النشر المداري للأقمار الاصطناعية الصغيرة من وحدة الاختبارات اليابانية" (J-SSOD) الذي يُطلق الأقمار الاصطناعية الفائقة الصغر إلى المدار. يتم استخدام هذه التكنولوجيا الفريدة تمامًا من أجل تشغيل برنامج "KiboCUBE" (كيبوكيوب)، بحيث يتم وضع الأقمار الاصطناعية على المدار بالنيابة عن البلدان النامية التي لا تملك وسائل خاصة بها لإطلاق أقمار اصطناعية، ما يسهم في تطوير تكنولوجيا الفضاء في البلدان النامية.
قمر اصطناعي فائق الصغر تم إطلاقه باستخدام J-SSOD (تم الحصول على الصورة بإذن من وكالة استكشاف الفضاء اليابانية (JAXA) / الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (NASA)).
تقوم اليابان أيضًا بتشغيل "كونوتوري" (أي "اللقلق" باللغة اليابانية)، وهي مركبة نقل للمحطات الفضائية تزوّد محطة الفضاء الدولية بالمواد مثل الماء والغذاء. بين عامَي 2011 و2020، تم إطلاق ما يصل إلى تسع مركبات "كونوتوري" حطّ كل منها بنجاح على محطة الفضاء الدولية من دون تسجيل أي فشل. تشكل مركبة "كونوتوري" طريقةً لإعادة الإمداد بالمواد تعجز محطة الفضاء الدولية عن العمل بدونها، وذلك بفضل دقتها العالمية وقدراتها على توفير الإمدادات.
إلى اليسار: ذراع آلي لمحطة الفضاء الدولية يحاول الإمساك بمركبة "كونوتوري" (تم الحصول على الصورة بإذن من وكالة استكشاف الفضاء اليابانية (JAXA) / الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (NASA)).
إلى اليمين: رائد فضاء مع طعام طازج من مركبة "كونوتوري" (تم الحصول على الصورة بإذن من وكالة استكشاف الفضاء اليابانية (JAXA) / الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (NASA)).
"هايابوسا": أول مسبار في العالم ينفّذ بنجاح عودة عيّنة من كويكب
إن "هايابوسا"، أي "الصقر" باللغة اليابانية، هو عبارة عن مسبار للكويكبات تابع لوكالة استكشاف الفضاء اليابانية (JAXA) نفّذ أول عملية ناجحة في العالم لإعادة عيّنة من مواد أحد الكويكبات إلى الأرض. وأظهر "هايابوسا 2" اللاحق المزيد من قدرات اليابان التكنولوجية.
صورة لمستكشف الكويكبات "هايابوسا 2" وهو يهبط على الكويكب "ريوغو" (تم الحصول على الصورة بإذن من إيكيشيتا أكيهيرو).
لزم توفّر ثلاثة أجهزة لينجح "هايابوسا 2" في إعادة العيّنة: "جهاز صدم محمول صغير" و"جهاز جمع للعيّنات" و"كبسولة إعادة دخول". يفيد جهاز الصدم المحمول الصغير في إنشاء فوهة اصطناعية على سطح الكويكب، ويطلق رصاصة تزن حوالى 5 غ على سطح الكويكب بسرعة عالية لسحق السطح وتحويله إلى قطع صغيرة من مادة الكويكب التي يتم جمعها بعد ذلك باستخدام أنبوب طويل يسمى "جهاز جمع العيّنات". بعد ذلك، يتم تحميل مادة الكويكب في كبسولة إعادة الدخول بهدف إعادتها إلى الأرض.
ومن المهم ذكر "النابض اللولبي" بشكل خاص لأنه ضروري لتحريك هذه الأجهزة الثلاثة، إذ يستخدم هذا الجزء الخاص، الذي طوّرته شركة يابانية، قوةَ النابض لتحريك الأجهزة بدقة. على سبيل المثال، يتم طيّ جهاز جمع العيّنات عندما لا يكون قيد الاستخدام. لذا كان من الضروري استخدام النابض اللولبي من أجل بسط جهاز جمع العيّنات ليصبح من الممكن جمع عيّنات من الكويكب.
صورة لجهاز جمع العيّنات في "هايابوسا 2". تم استخدام قوة النابض اللولبي الخاص لتحريك جهاز جمع العيّنات، وجهاز الصدم المحمول الصغير، وكبسولة إعادة الدخول. (تم الحصول على الصورة بإذن من وكالة استكشاف الفضاء اليابانية (JAXA)).
يتألف النابض اللولبي من حلقات دائرية من الألومنيوم مثبتة معًا عموديًا بواسطة مادة النابض المصنوعة من الألياف الزجاجية. عند دفع النابض اللولبي بواسطة اليَد من الأعلى إلى الأسفل، يتقلص ويلتوي. وعند إفلاته، تتسبب القوة في النابض بارتداده إلى الأعلى. يتصف النابض بقوته ومرونته الفائقة (تم الحصول على الصورة بإذن من شركة Nippi).
الأقمار الاصطناعية الفائقة الصغر ستغيّر مستقبل التطور في مجال الفضاء، بدءًا من الأقمار الاصطناعية بحجم كف اليَد
عام 2003، أجرت جامعة يابانية أول بحث في مجال إطلاق الأقمار الاصطناعية الفائقة الصغر. يمكن تطوير الأقمار الاصطناعية الفائقة الصغر في وقت أقل بكثير بسبب صغر حجمها وتكاليفها المنخفضة نسبيًا مقارنة بالأقمار الصناعية العادية، مما يتيح دخول الجامعات والشركات الصغيرة في هذا المجال بسهولة أكبر. أدى هذا الأمر إلى زيادة عدد الشركات المشاركة في الأبحاث بشكل غير مسبوق، وحفّز ابتكار تكنولوجيات تنفرد بها اليابان. تم تجهيز الأقمار الاصطناعية الفائقة الصغر بمحرك أيوني يبلغ قطره 4 سم لكي تتمكن من تغيير اتجاهها في الفضاء، بالإضافة إلى أول "محرك مائي" في العالم، وهو محرك آمن وصغير الحجم يستخدم المياه كمادة دافعة. يشكّل هذا المحرك المائي تكنولوجيا ثورية بحق، فبإمكانه مثلاً تشغيل قمر اصطناعي على مدار حول الأرض لمدة سنتَين تقريبًا، ويمكنه السفر إلى القمر باستخدام 200 إلى 300 غ فقط من الماء. علاوة على ذلك، حظيت هذه التقنيات التي من المتوقّع أن تغيّر مستقبل التطور في مجال الفضاء على اعتراف الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (NASA).
إلى اليسار: محرك أيوني فائق الصغر بقطر 4 سم، تم تطويره من قبل جامعة طوكيو. (تم الحصول على الصورة بإذن من كويزومي هيرويوكي).
إلى اليمين: قمر اصطناعي فائق الصغر مزوّد بمحرك مائي فائق الصغر. يبلغ حجمه 10 سم3 تقريبًا (تم الحصول على الصورة بإذن من شركة Pale Blue).
صورة المركبة الفضائية اليابانية "إكيوليوس" التي تم إطلاقها على نظام الإقلاع الفضائي (SLS) للصواريخ من الجيل التالي، كجزء من مهمة الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (NASA) في نوفمبر 2022. سيستهدف القمر الاصطناعي القمر بواسطة محركه المائي الفائق الصغر الذي يستخدم المياه كمادة دافعة (تم الحصول على الصورة بإذن من وكالة استكشاف الفضاء اليابانية (JAXA) / الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (NASA) / جامعة طوكيو).
يشهد التطور في مجال الفضاء، وهو مجال البحث الجديد، تقدمًا في كل أنحاء العالم. وستساهم تكنولوجيا الفضاء الفريدة في اليابان بشكل أكبر في التقدم المحرز في التطور في مجال الفضاء في المستقبل.