2015 No.17

Menu

  • pdf
  • pdf

لقراءة الكتاب الإلكتروني تحتاج إلى تشغيل لغة الجافا سكريبت في المتصفح الخاص بك وتنزيل مكونات مجانية لمشغل فلاش من شركة أدوبي سيستمز.get flashplayer

المنمنمات حدث كبير في اليابان

1

فن زخرفي قديم في أحجام مصغرة عظمة مع دقة في التفاصيل

1 2

أسلحة لطبقة الساموراي ومشغولات زخرفية للمواطنين العاديين وأعمال فنية للتصدير للدول الأخرى، عالم قديم من الفنون الزخرفية دقيقة التفاصيل والتي بلغت حد الكمال على يد حرفيين تنافسوا في حرفتهم وكانت تقنياتهم هي أفضل الوسائل الفنية في زمانهم. هذا العالم تشرحه لنا هنا أستاذة متخصصة في الحرف والفنون الصناعية اليابانية.

لمحات من حوار مع كوروكاوا هيروكو


لو ألقينا نظرة سريعة على تاريخ الفن الياباني فسيحملنا هذا إلى أعمال شهيرة تم تنفيذها بأساليب المشغولات الدقيقة سواء كانت أدوات خشبية مغطاة باللاكيه اللامع أو مشغولات معدنية أو غير ذلك من الأعمال الفنية. على أن هذا النوع من الفنون نجده أساسًا في الأشياء التي يقدمها الناس كقربان للآلهة أو القديسين البوذيين، أو في الأشياء الفاخرة لأجل الطبقة الأرستقراطية، فهي أدوات راقية لعدد محدود من الناس على قمة المجتمع، ولم يبدأ المواطن العادي في الاستمتاع بإنجازات هذه الأساليب الفنية الراقية إلا في عصر إيدو (١٦٠٢ - ١٨٦٧) وهو عصر ازدهرت فيه حضارة مدنية وتوسع خلاله الفن الزخرفي بطرق ووسائل عديدة.

ولعل أكثر النماذج إبهارًا في هذه الفنون الزخرفية الدقيقة في عهد إيدو هي التي نجدها في أجزاء سيوف المحاربين القدماء أو «الساموراي ». في ذلك الوقت كان انتهاء عهد الولايات المتحاربة قد أدى إلى زمن من السلام والاستقرار ولكن التقليد القديم في زخرفة السيوف ظل على حاله كرمز على الانتماء لطبقة الساموراي، والواقع أنه في فترة السلام أصبحت زخرفة السيوف أكثر دقة وإمعانا في الرسوم والتفاصيل ونرى مثال على ذلك في واقي السيف ويسمى تسوبا، وهو يستخدم لحماية اليد عند مقبض السيف ويتم نحته من لوحة معدنية. يبلغ قطر تسوبا حوالي ٧ سم ونرى عليه منحوتات على الوجهين لمناظر رائعة من الطبيعة في عالم جميل بالغ الصغر.

الرقي والأناقة في الأدوات العسكرية

واقي السيف «تسوبا » لحماية يد الساموراي من سيفه (انظر السهم الأزرق، صورة للسيف داخل جرابه) على جانبي واقي السيف توجد نقوش دقيقة ومفصلة تصور بجعة وشجرة صنوبر. اسم القطعة:
Sakura momiji makie wakizashi koshirae (واقي تسوبا مزين بزهور الكرز وأوراق شجرة القيقب) . يرجع تاريخه إلى القرن التاسع عشر، ومقاسه ٦,٢×٦,٩ سم. من مقتنيات متحف نيزو.

جانب آخر من سحر إيدو القديم

هنا بعض الأشكال المرحة من قطع نتسوكى، وهي تصور مخلوقات حية وشخصيات من حواديت قديمة وغيرها.
١- رايجين، إله الرعد والبرق، ممسكًا بحذاء خشبي (قبقاب «غيتا»). اسم القطعة:Raiden («الرعد والبرق») وهي حفر على العاج. الارتفاع ٥سم.
٢- ضفدعة منقوشة بتفصيل دقيق، فالعيون الصغيرة مثلًا رصعتها يد أستاذ كبير عالي المهارة. اسم القطعة:Hoshigaki ni kaeru («ضفدعة فوق ثمرة برسيمون جافة»)، للفنان سوكيناغا. نقش على خشب البقس الياباني. الارتفاع ٣ سم.
٣- نقش لسمكة بينيت وهي تؤكل لأول مرة في الموسم الجديد، وكانت قديمًا تعتبر أكلة ثمينة في نظر المواطنين من عصر إيدو. اسم القطعة: Kiba-bori hatsu-gatsuo netsuke («نتسوكى محفورة تصور سمكة بنييت في بداية الموسم») للفنان: ميتسوهيرو. حفر على العاج. القطر ٤,١ سم.
٤- كلب صغير رافعًا قدمه الأمامية بشكل لطيف. اسم القطعة:Koinu («جرو صغير») للفنان: سوكيناغا. حفر على الخشب. الطول ٣,٥ سم.
٥- بقايا ثمرة كمثرى عليها نحلة، تشبه الحقيقة بدرجة مذهلة. اسم القطعة:Nashi nihachi («كمثرى مع نحلة») للفنان كوغيتسو. حفر على الخشب. الارتفاع ٤,٩ سم.
٦- هذه النمرة الأم ترعى طفليها بعيون يقظة. اسم القطعة:Oyako tora («النمرة الأم وأطفالها») للفنان هاكوريو. حفر على العاج. الطول ٣,٥ سم.
٧- عصفور بجناح منفوش ليدفئ جسمه وهو شكل فني شائع في ذلك العصر. اسم القطعة:Fukura suzume («عصفور منفوش») من الخشب المطلي باللاكيه اللامع. الطول ٤ سم.
٨- قرد يحمل ثمرة خوخ، هذا رمز للأمل في عمر طويل. اسم القطعة:Saru («قرد») للفنان تويوماسا. حفر على الخشب. الارتفاع ٣,٧ سم.


صور جميع قطع نتسوكى مأخوذة من كتاب Netsuke: Gyoshukusareta Edobunka («نتسوكى: ثقافة المنمنمات في عصر إيدو») من تجميع أكاديمية نتسوكى اليابانية ونشر شركة بيجوتسو شوبان-شا المحدودة، عام ٢٠٠٥.

أساليب فنية نشأت عن الزي السائد

علبة «إينرو » بزخرفة من نبات اللبلاب مرسوم باستخدام ماكييه (مسحوق ذهبي وفضي فوق اللاكيه) و «رادن» (الصدف). هذه العلبة مرفق بها أيضًا نتسوكى مستديرة مزخرفة أيضًا باستخدام ماكييه. اسم القطعة: Tsuta makie inro («علبة لبلاب بفن الماكييه»). مقاس ٦,٨×٤,٩ سم. من مقتنيات المتحف القومي للتاريخ الياباني.

من المهم أن نذكر هنا ثقافة الكيمونو وهو الزي الذي كان سائدًا في العهد القديم للرجال والنساء وكيف أنه شجع على تطوير مشغولات يدوية جميلة مرتبطة به. عندما يرتدي الشخص الكيمونو يصبح الرداء للناظرين مثل لوحة رأسية طويلة، فهو أرضية ممتازة للرسوم إلا أنه لا يتيح ارتداء مجوهرات مثل عقد أو قرط للأذنين. على أن موضة الكيمونو تبنت أشكالًا بهيجة من الإكسسوارات مثل دبابيس الشعر «كانزاشي » للنساء والأشياء المرتبطة بالسيف للمحاربين الساموراي، بمعنى آخر هي إكسسوارات تمزج بين الزينة والاستخدام العملي.

وأمامنا مثال ممتاز على ذلك في «إينرو» وهي إكسسوارات يرتديها الفرد معلقة من وسطه، وهي في الأصل علب صغيرة لحمل أشياء مثل الدواء أو الختم الشخصي. وقد كانت في البداية موضة بين رجال الساموراي ولكنها عندما وصلت مع الوقت إلى طبقة الشعب العادي كان الجميع يعتبرونها نوعًا من إكسسوارات الزينة. وكانت العلب إينرو مستطيلة الشكل يبلغ عرضها بوجه عام حوالي ٦ سم وارتفاعها حوالي ٩ سم، وكانت مزينة من الخارج برسوم أو تصميمات بأساليب فنية مثل «ماكييه» (مسحوق ذهبي منثور على اللاكيه اللامع) أو «شيبو» (مينا لامعة مجزعة). بعض الرسومات كانت مستوحاة من أشياء من الطبيعة أو الحواديت الخيالية وبعضها الآخر كان عبارة عن أشكال تجلب السعد، وكل تصميم منها مفصل بدقة شديدة ويروي قصة فريدة ولا تكل العين أبدًا من النظر إليه.

ومثال آخر نجده في «نتسوكى » وهي قطع زخرفية صغيرة للتعليق في علبة إينرو أو كيس النقود القماشي «كنتشاكو » أو كيس الدخان، ويعلقها الشخص في وسطه. وقد أدى الإقبال الكبير على نتسوكى كزخارف شخصية صغيرة الحجم إلى إلهام الصناع فازدادت أساليبهم الفنية دقة وحرفية. وكثيرًا ما تعكس التصاميم روحًا فكاهية وتظهر فيها المهارة العالية للفنان الحرفي الذي صنعها حيث يصور طبيعة غاية في الصغر بقطعة لا يتعدى طولها بضعة سنتيمترات، إن نتسوكى هي أعمال فنية تصور عناصر الثقافة اليومية لعصر إيدو في حجم غاية في الصغر.