الـ"ميزوهيكي" عبارة عن خيط مزخرف يستخدم في تغليف الهدايا، و يعد استخدامه هو و الـ "نوشي" تقليدًا أصيلاً لتبادل الهدايا رسميًا في اليابان. إذ يختلف في دلالته عن غيره من الأوراق والشرائط الأخرى المستخدمة في الغرب لتغليف الهدايا، فضلاً عن توسع استخدامه في اليابان ليشمل أيضًا تزيين المجوهرات والإكسسوارات وغيرهما.

أما الـ"نوشي" فهي زينة للهدايا الإحتفالية؛ ترجع أصولها لعادة قديمة تعتبر أن إضافة قطعه رقيقة ممتدة من الصفليح المجفف إلى الهدايا تحمل أماني بالحظ السعيد. وذلك باعتبار أن الصفليح منتج بحري قيم يفترض أن يجلب طول العمر. الأمر الذي تم تبسيطه تدريجيًا، وأقتصر اليوم على استخدام "نوشي" ملفوف حول شريط من الورق الأصفر الذي يشبه الصفليح، وفي بعض الأحيان يكتفي باستخدام الأوراق المطبوع عليها كلًا من "نوشي" و "ميزوهيكي".

إسلوب حياة متأصل

فيما تبقى العديد من جوانب نشأة الميزوهيكي غامضة، إلا أننا نعرف أن خيوط القنب البيضاء و الحمراء كانت تستخدم في لف العطايا المقدمة للسلطات العلياقبل بداية القرن التاسع علي أقل تقدير. بينما بدأ استخدام الخيوط الورقية المصبوغة بألوان الميزوهيكي الأصلية (الأحمر و الأبيض أو الفضي و الذهبي) كبديل عن خيوط القنب في الفترة ما بين القرنين التاسع والثاني عشر. ففي ذاك التوقيت انتشرت بين عامة الشعب عادة إرفاق ورقة بيضاء مع الهدية وربطها بـ "الميزوهيكي" مع لصق "النوشي" عليها. ويقال أن تلك العادة أصبحت نمط رسمي للحياة اليومية في الفترة بين القرن السابع عشر و القرن التاسع عشر، وتأصلت بقوة في الثقافة اليابانية.

التعبير عن مشاعر مُقدم الهدية

ثمة اختلاف كبير بين "الميزوهيكي" الياباني وشرائط الزينة المستخدمة في الغرب التي تتمركز على فتح الطرد بالرغم من كونه يبدو مجرد تغليفًا للهدايا على الطريقة اليابانية . لذا تتنوع طرق صنعه وفقًا لقواعد وأغراض استخدامه.

حيث يُصنع خيط "الميزوهيكي" من خلال لف أطوال رفيعة من ورق الواشي (ورق ياباني تقليدي مصنوع من الألياف شديدة المتانة) ثم طلائها بالغراء لتصبح صلبة. ويوجد العديد من تراكيب الألوان من بينها: الذهبي والفضي، الأحمر والأبيض، الأسود والأبيض، أو الأصفر والأبيض. إذ يحدد غرض الهدية عدد الخيوط والألوان ونمط عقدة "الميزوهيكي"، الأمر الذي يجعل متلقي الهدية يشعر بامتنان إضافي لمقدمها، ليس فقط بسبب مضمون الهدية، إنما لما تحمله طريقة تغليفها من معاني، تعكس مزيد من التقدير والاهتمام.

وعلى النحو نفسه، تختلف عدد الخيوط المستخدمة في "الميزوهيكي" تبعًا لطبيعة المناسبة المرتبطة بتقديم الهدية، سواء كانت احتفالية زواج، ميلاد جديد، أو جنازة. ولما كان من المعتاد في اليابان تقديم مبلغ نقدي في تلك المناسبات السارة والحزينة، أصبحت رابطة الـ "ميزوهيكي" و قطعة الـ "النوشي" زينة أساسية لمظروف النقود المقدم في تلك المناسبات، علمًا بأن مجموعات الأرقام الفردية من خيوط "الميزوهيكي" مثل 3، 5 أو 7، تستخدم فقط في المناسبات السارة، إذ يعتقد أن الأرقام الفردية مباركة، بينما تستخدم الأرقام الزوجية في الخيوط للمناسبات الحزينة. إلا أن مؤخرًا صار من المألوف تقديم الهدية مزينة بـ"ميزوهيكي" من خمسة خيوط في كل المناسبات، باستثناء هدية الزفاف التي غالبًا ما تزين بعشرة خيوط، باعتبار أن رقم 10 هو ضعف رقم 5، يشير إلى مضاعفة البركة.

وفيما يتعلق بالألوان تستخدم تركيبات "الأحمر والأبيض" أو "الذهبي والفضي" للمناسبات السعيدة، في حين تستخدم تركيبات" الأسود والأبيض "أو" الأصفر والأبيض " للمناسبات الحزينة و التذكارية.

والعقدة تعد واحدة من أهم سمات الميزوهيكي، إذ يمكن تقسيم أنماط ربط "الميزوهيكي" بشكل عام إلى "موسوبي-كيري" (نمط من العقد الزخرفية الثابتة) و "تشو-موسوبي"(عقدة الفراشة)، ولكلأ منهما دلالة في خرافات الطالع. فعقدة "الموسوبي-كيري" تحمل دلالة الاعتقاد بأن هذا الأمر ينبغي ألا يتكرر، إذ يعتقد أن العقدة ستخلق رابطة لا يمكن فكها، لذا تستخدم في مناسبات الزفاف، كما تستخدم أيضًا في المناسبات الحزينة ( كالجنائز وهدايا المرضى) وتحمل هنا أمنية بعدم تكرار هذه الأحزان مرة أخرى. وعلى الجانب الأخر، تستخدم عقدة "تشو-موسوبي" والتي يمكن فكها بمجرد سحب الخيط، في الاحتفالات كالميلاد أو الالتحاق بالجامعة؛ إذ تقوم فكرة العقدة علي كون المناسبة مفرحة مهما تم تكرارها ولذلك فهي قد تتكرر أكثر من مرة.وفي حالة استخدام نفس نمط العقدة يمكن لأختلاف الألوان أن يعكس الغرض من الهدية.

التطورات المعاصرة

في الأصل كان يستخدم الميزوهيكي كختم أو تميمة تعبيرًا عن حالة عدم الفتح. ومع تغيرالزمن،أصبح اكثر تعبيرًا عن الترابط بين الناس. فغالبًا ما يُستخدم علي شكل عقدةغير قابلة للفك، فكلما سُحبت بقوةازدادت العقدة ترابطًا.فأسلوب الربط يحوي بداخلة أمنية الحصول علي علاقة صعبة القطع. و يقال أن المجموعات التي تستخدم 5 خيوط تمثل كف الانسان؛ فمع ربطها ترمز إلى المصافحة.

حالياً يشهد "الميزوهيكي" انتعاشة ورواج واضح. فقد أصبح"الميزوهيكي" يستخدم حديثًا في الإكسسوارات وقطع الديكور الداخلية الصغيرة، فضلاً عما يتمتع به من شعبية خاصةً بين الهدايا التذكارية للسياح الأجانب. كما أن هناك خامات وألوان حديثة انضمت لألوانه الأساسية مثل ألوان الباستيل، وألوان درجات المعادن، و درجات فردية من ألوان متعددة. وثمة كتب وورش تدريبية تشرح طريقة عمل إكسسوارات من الميزوهيكي في كل مكان. يبدوأنهسيحظىبمزيدمنفرصالانتشارفيالمستقبل.