موقع اليابان > توجهات اليابان > التكنولوجيا والحياة > استخدام تقنية المحاكاة البيولوجية المتقدمة على نطاق واسع في المنتجات الصناعية اليابانية


استخدام تقنية المحاكاة البيولوجية المتقدمة على نطاق واسع في المنتجات الصناعية اليابانية

الإصدار الخاص من "ال. سي" كوبيه - السيارة الرائدة التي تحمل علامة "لكزس" الفخمة من تويوتا موتورز – وتستخدم تكنولوجيا المحاكاة البيولوجية في لون شكلها الخارجي (الصورة مقدمة من تويوتا). والكوبيه هي نموذج رياضي للسيارة ببابين

تستفيد المنتجات الصناعية اليابانية، لاسيما في مجالات تصنيع السيارات الفاخرة وتغليف المواد الغذائية والأفلام عالية الأداء، من تكنولوجيا المحاكاة البيولوجية، التي تستخدم التراكيب والوظائف الرائعة التي تتمتع بها الكائنات الحية. فلقد أتت فكرة التطوير التكنولوجي المتطور من خلال الاستلهام من أنماط الكائنات الحية والحياة النباتية، وذلك من أجل تلبية احتياجات المستهلكين اليابانيين الذين يبحثون دائمًا عن الجودة العالية، لتتحدث بدورها عن قوة "أمة قائمة على التصنيع".

تلهم "الفراشة الأكثر جمالًا في العالم" اللون المستخدَم في هيكل السيارة

يقال إن فراشة مورفو، التي تعيش في أمريكا الجنوبية، هي "أجمل فراشة في العالم". كانت الشركة اليابانية الرائدة في تصنيع السيارات قد باعت نموذجاً لإصدار خاص ومحدود من السيارات التي تستخدم طلاءً باللون "الأزرق الهيكلي"- وهو لون مستوحى من زُرْقَة أجنحة الفراشة. فهذه هي سيارة كوبيه الرائدة التي تم إطلاقها في شهر أبريل/ نيسان من عام 2018 تزامنًا مع احتفال الشركة المصنعة بتحقيقها لمبيعات محلية تراكمية وصلت 500 ألف سيارة ذات العلامة التجارية الفاخرة. وعلى الرغم من أن هذا النموذج قد حظي بالكثير من الإشادة به، إلا أنه كان اصدار محدودًا ، اذ انتهت المبيعات في أوائل شهر يوليو/ تموز.
اعتمد هذا الإصدار مبدأ "التلوين الهيكلي"- المستوحى من أجنحة فراشة مورفو. فعلى الرغم من أن الأجنحة ليس لها لون، إلا أن هيكلها يعكس بقوة أطوال موجية معينة عندما يسطع الضوء عليها، مما يجعلها تلمع باللون الأزرق أمام العين البشرية. استغرق الأمر 15 عامًا من التطوير لإنشاء صبغة تلوين هيكلية لاستخدامها في طلاء السيارات. وعلى الرغم من أن المادة نفسها لا تحتوي على لون مضاف، إلا أنها تنتج لحظات ساحرة وتألقًا رائعًا عندما ينعكس الضوء عليها، منتجة هيكل سيارة مميزًا حقًا.

النسخة الخاصة – "ال. سي" كوبيه الرائدة من ماركة تويوتا الفاخرة التي تحمل علامة "لكزس". وتستخدم السيارة لونًا يسمى بـ"الأزرق الهيكلي"، وهو لون مستوحى من التلون الأزرق المنعكس على أجنحة فراشة مورفو (الصورة مقدمة من تويوتا)

مبدأ التلوين الهيكلي في "الأزرق الهيكلي". تم تطوير صبغة ذات هيكل متعدد الطبقات مستوحى من بِنْية أجنحة فراشة مورفو. إذ أن الضوء الأزرق فقط ينعكس بقوة لإضفاء اللون الأزرق، مع استيعاب للألوان الأخرى المنبثقة عن الضوء (الصورة مقدمة من تويوتا)

فراشة مورفو

أغطية عبوات لبن الزبادي في محاكاة لأوراق اللوتس

قام كبار مصنعي المواد الغذائية والشركات الرائدة في مجال المواد بتطوير غطاء يمنع الزبادي من الالتصاق بالجانب السفلي استلهامًا من ورقة اللوتس. وتُسمى هذه التقنية بـ "العبوة الطاردة للسوائل". يحاكي الغطاء نفس الطريقة التي تسمح من خلالها المضخات الصغيرة الموجودة على أوراق اللوتس بدحرجة أي ماء يتدفق على سطحها كقطرات متبعثرة. حتى أن أي زبادي يلتصق بالغطاء، فإنه يتدحرج على الفور مثل حبات الخرز؛ وهذا يعني أنه عند فتح الغطاء لن يكون هناك أي زبادي ملتصق به.
استغرقت هذه التكنولوجيا حوالي عام واحد لتطويرها، ودخلت حيز الاستخدام العملي في فبراير/ شباط 2010. وفي عام 2013، فازت العبوة السائلة بالجائزة الفضية في "جوائز دوبونت لأفكار التغليف المبتكرة"- وهي جائزة دولية للتغليف المتميز من جميع أنحاء العالم. وأوضحت الشركة المصنعة أن "هذا الابتكار قد استقبل بشكل جيد حيث أن الزبادي لا يلتصق بالغطاء، مما يجعل المنتج أكثر نظافة، وقد أخذنا رأي المستهلك في الاعتبار عند تطويره".

عبوات زبادي (بيفيدوس منوعة من أربع أصناف) (صورة ترويجية لشركة موريناغا لصناعة الألبان). منتج مستوحى من أوراق اللوتس، وقد قامت كل من شركة موريناغا لصناعة الألبان وشركة تويو ألومنيوم (الشركة الرائدة في صناعة المواد) بتطويره بشكل مشترك.

ورقة لوتس حقيقية

غطاء قبل معالجته بتقنية طارد السوائل (صورة ترويجية لشركة موريناغا لصناعة الألبان)

غطاء معالَج بتقنية طارد السوائل (صورة ترويجية لشركة موريناغا لصناعة الألبان)

التركيز على عيون حشرة العثة، التي تقلل من انعكاس الضوء

هنالك أيضا بعض المنتجات التي استُلهِمَت من نفس الهيكل الوعِر، ولكن هذه المرة من الحشرات وليس من النبات.
العثة هي حشرة ليلية إلى حد كبير، ويمكن أن تعمل تحت أي ضوء مهما قلت درجته في الليل. وبعبارة أخرى، إن عيونها قادرة على أن تمتص الضوء بطريقة فعالة جدًا. ويرجع السر في هذا إلى نتوءات صغيرة على سطح عيونها ذات الطبيعة المركبة– وهو ما يسمى بـ"بنية عين العثة". ومن شأن هذه البروزات أن تجعل من الصعب على الضوء أن ينعكس من العين.
دعونا نقوم بتكبير عين حشرة العثة من خلال سلسلة من اللقطات. في اللقطة السادسة، تكون البروزات صغيرة جدًا بحيث لا يمكن رؤيتها إلا باستخدام مجهر إلكتروني.

(صور دعائية لشركة ميتسوبيشي للمواد الكيميائية)

قامت إحدى الشركات اليابانية الرائدة في تصنيع المواد الكيميائية بالتعاون مع أحد المختبرات في محافظة كاناغاوا بتطوير فيلم بلاستيكي شفاف باستخدام "هيكل عين العثة"، والذي تم إصداره ضمن منتجات صيف عام 2013.
فعلى سبيل المثال، يتم أحيانًا استخدام ألواح الزجاج أو الأكريليك عند وضع الصور والصور الفوتوغرافية في المتاحف؛ لكن هاتين المادتين تعكسان الضوء، مما يجعل من الصعب على الكثير من الناس مشاهدة الأعمال الفنية. ولهذا، فإنه من خلال لصق هذا الفيلم على السطح، لا يحدث انعكاس للضوء على الأسطح، وبالتالي يمكن رؤية الأعمال بوضوح.

على الجانب الأيسر: تم لصق لوحة مع "موسميت" على ورقة الغلاف الشفافة. و"موسميت" هو فيلم عالي الأداء تم تطويره تشاركيًا فيما بين كل من شركة ميتسوبيشي للمواد الكيميائية، وأكاديمية كاناغاوا للعلوم والتكنولوجيا )المعروفة حاليًا باسم "معهد كاناغاوا للعلوم الصناعية والتكنولوجيا"(. على الجانب الأيمن من اللوحة، والتي لا يوجد عليها فيلم لاصق، ينعكس النمط الموجود في المقدمة على ورقة الغلاف الشفافة)صور دعائية لشركة ميتسوبيشي للمواد الكيميائية)

سواء كانت الورقة الشفافة مصنوعة من الزجاج أو الأكريليك، فإن كلاهما يعكس الضوء على السطحين الأمامي والخلفي، مما يقلل من نفاذ الضوء المرئي إلى حوالي 92٪؛ وإذا ما تم لصق هذا الفيلم في المقدمة، فإنه يعمل على تحسين النفاذية إلى حوالي 96٪؛ وإذا تم لصقه من الأمام والخلف، فإن هذا يزيد نسبة نفاذ الضوء إلى حوالي 100٪ دون أي انعكاس. وهذا شيء شائع ومرغوب لأنه يسمح بالتقاط الصور للوحات وما إلى ذلك، مباشرة دون الحاجة لعمل أي انعكاس عليها.

(على جهة اليسار): حيث يمكن رؤية اللوحة بوضوح مع فيلم "موسميت" الملصَق عليها؛ في حين أن اللوحة بدونه تظهر الضوء الصادر من مصابيح الفلورسنت المنعكسة على ورقة الغلاف الشفافة. (صور دعائية لشركة ميتسوبيشي للمواد الكيميائية)

سطح الفيلم "موسميت". 100 مليون من النتوءات في مساحة 1 ميليمتر مربع (صور دعائية لشركة ميتسوبيشي للمواد الكيميائية)

وبصرف النظر عن المتاحف، يتم استخدام هذه التقنية أيضًا في شاشات الملاحة باستخدام الأقمار الصناعية للسيارات وما إلى ذلك. وفي المستقبل سيكون هناك عدد لا يحصى من التطبيقات لهذه التقنية، مثل استخدامها على الألواح الشمسية للمساعدة في زيادة كمية ضوء الشمس التي يتم التقاطها وما إلى ذلك.
ويحرز التصنيع الياباني تقدمًا في تحسين الجودة من خلال السعي لزيادة رضا المستهلك من خلال التعلم بتواضع والاستقاء من المخلوقات الحية والعالم الطبيعي. وقد يكون الابتكار القادم الذي سيبهر للمستهلكين في جميع أنحاء العالم في مجال غير متوقع، مباشرة أمام عيوننا.