المهرجانات التي يطلق عليها "ماتسوري" تقام في جميع أنحاء اليابان منذ القدم. هذه الماتسوري تعد أحداث ذات أهمية للأناس الذين يقطنون بالقرب منها، والعادات التي تقام في هذه المهرجانات تم توارثها بين الأجيال حتى يومنا هذا. عادة ما يتم أدارة الكثير من الماتسوري بالتركيز على التراث وطبقاً للعادات القديمة والقواعد مع دمج التاريخ والممارسات الخاصة بكل منطقة. منذ حوالي ستين عاماً، ظهر نوعاً مختلفاً من المهرجانات في محافظة كوتشي اليابانية، يركز بشكل كبير على التراث على عكس الماتسوري. المهرجان المعروف باسم يوساكوي ماتسوري يدفع كل الناس من مختلف الأعمار إلى الإنطلاق نحو المتعة حيث يحتفلون في جو من الحرية المطلقة والبهجة. كلمة "يوساكوي" مأخوذة من "يوساكوي بوشي"، وهو اسم أغنية شعبية ترجع أصولها القديمة إلى محافظة كوتشي. "يوساكوي" هي كلمة يابانية قديمة تعني "فلتأت للزيارة في المساء". استمر يوساكوي ماتسوري في التطور والنمو حتى يومنا هذا. وقد انطلق من موطنه الأصلي وانتشر في العديد من المناطق حول اليابان، حتى إنه انتقل إلى بعض الدول حول العالم. المهرجانات التي تطورت المتعلقة بيوساكوي ماتسوري تعرف باسم "يوساكوي".

ميلاد يوساكوي ماتسوري

   يعد تاريخ يوساكوي ماتسوري قصيراً نوعاً ما: فقد نشأ في محافظة كوتشي عام 1954 وكان الهدف منه إزالة الركود الإقتصادي في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، والدعاء بالصحة والرخاء للمواطنين، وتشجيع النشاط في شوارع التسوق التي تعاني من الهبوط التجاري خلال الصيف. بدأ بسبعمائة وخمسون مشارك فقط، وظل هذا العدد يتزايد كل عام. شارك أكثر من عشرة آلاف شخص في يوساكوي ماتسوري الثلاثين، وهذا المهرجان أصبح بمثابة أيقونة في الماتسوري الياباني.

   إحدى الخصائص الواضحة ليوساكوي ماتسوري هي درجة الحرية العالية. في المهرجانات الاعتيادية في اليابان، هناك بعض القواعد التي يجب اتباعها عند اختيار الموسيقى ونمط الرقص، وتأتي القيمة من المحافظة على التراث ونقله للأجيال الأخرى. أما على الصعيد الآخر، لا يوجد تقريباً أي قواعد ثابتة ليوساكوي ماتسوري. هناك فقط بعض الملامح البسيطة المطلوبة للمهرجان مثل استخدام آلة موسيقية يطلق عليها ناروكو، دمج جملة محددة مع الموسيقى، والرقص مع السير للأمام في المسار المحدد. وطالما يتم المحافظة على هذه الملامح، فإن كل فريق له مطلق الحرية في اختيار الموسيقى والملابس ونمط الرقص لإظهار رقصاته. كل فريق مكون من عدة دستات - وأحياناً فوق المائة - راقص وراقصة يقومون بالاصطفاف والسير في مسار محدد وهم يرقصون.

   في أغلب الحالات، يتم إدارة يوساكوي ماتسوري عن طريق غلق بعض الشوارع التي عادة تستخدم من قبل السيارات، حيث يستمر الاحتفال ليوم كامل. وخلال الحدث، هذه الشوارع التي عادة ما تكون مكتظة بالسيارات تمتلئ بالراقصين بدلا من السيارات. ومن المؤكد أنك سترى تجربة فريدة وعروض قوية وأنت تشاهدهم يسيرون وهم يرقصون.

استمتع بالحركة المدهشة للراقصين. أشياء تبحث عنها في يوساكوي ماتسوري

   كل المشاركين في يوساكوي ماتسوري يعبرون عن أنفسهم بحرية من خلال الرقص، على الرغم من أن هذا الحدث يجب أن تتوافر فيه بعض العناصر الأساسية.

   إحدى هذه العناصر هو ناروكو. تعد ناروكو آلة موسيقية أساسية في يوساكوي ماتسوري. وهي آلة مصنوعة من مجموعة من القطع الخشبية المتلاصقة، تصدر صوت طقطقة جميل يزيد من روح الماتسوري الاحتفالية. كانت الناروكو في الأساس تستخدم كأداة في المناطق الزراعية، وكان يتم تعليقها لحماية المحصول من الطيور والحيوانات البرية الأخرى.

   أما في الوقت الحالي، فإن النمط الأساسي للرقص في يوساكوي ماتسوري يتضمن الحركة مع حمل آلة ناروكو في كل يد. يتم عمل لناروكو التقليدي عن طريق تلوين لوح من الخشب على شكل مجداف باللون الأحمر وتثبيته على ألواح خشبية ملونة بالأسود والأصفر. ولكن كثير من الفرق تقوم بابتكار ناروكو بأشكال وألوان فريدة. وتعد مشاهدة الأشكال المختلفة للناروكو والأصوات المتباينة التي تصدرها كل واحدة منها هي إحدى متع يوساكوي ماتسوري.

   وتعتبر الملابس الراقية التي يرتديها الراقصون إحدى المظاهر التي لا يجب إغفالها في المهرجان. بعض فرق الرقص يرتدون زياً يابانياً تقليدياً يسمى "وافوكو"، والبعض الآخر يرتدون ملابس تحمل لمحة إستوائية تحفز روح السامبا البرازيلية. وهناك بعض الفرق التي تمزج بين هذين النمطين المميزين من الملابس لتنتج نموذجاً جديداً من الموضة. من المؤكد إنك ستجد استمتاعاً كبيراً حتى بمجرد مشاهدة الحدث كعرض لملابس الموضة، حيث أنك ستشاهد الأفكار الخاصة بكل راقص وراقصة منعكسة في ملابسهم. هذه الملابس الفريدة يتم صناعتها يدوياً من قبل الراقصين أنفسهم أو يتم طلبها أو شرائها من متاجر الملابس المتخصصة في أزياء الماتسوري.

يوساكوي ماتسوري حول اليابان

   المستوى العالي من الحرية والرقص القوي الذي يهز الأرض هما أسباب شعبية يوساكوي ماتسوري، حتى انتشر المهرجان في جميع أنحاء اليابان. الآن يوجد حوالي مائتي موقع حول اليابان تقام فيهم أحداث ماتسوري تعرف باسم يوساكوي.

   بعد انتشار يوساكوي ماتسوري في أنحاء اليابان، فإنه أصبح يخلق دمجاً جديداً مع ثقافات المناطق الأخرى، وهذا الخليط من الثقافات هو جانب آخر للمهرجان يجب رؤيته. بعد الدمج بين جوهر "أوا أودوري"، و"سوران بوشي" والعديد من تقاليد الماتسوري والرقصات التي تعرض في مناطق أخرى، يستمر يوساكوي ماتسوري في نشر تعبيراته التي تصل إلى حد اللانهائي. في السنوات الأخيرة أصبحنا نجد فرق من الراقصين الأجانب يشاركون في المهرجان، مما يتيح فرصة تجربة أنماط من الرقص وأساليب تعبير من جميع أنحاء العالم. ستشعر كما لو أنك في جولة حول العالم.

يوساكوي حول العالم

   نشأ يوساكوي ماتسوري كماتسوري محلي، ولكن بانتشاره في اليابان اكتسب شعبية داخل اليابان وحول العالم مع ارتفاع مستوى الحرية به. قواعده بسيطة ويسمح بالتعبيرات الحرة، مما جعل من السهل على دول العالم أن تتبناه. وتم عرض يوساكوي ماتسوري عدة مرات في أنشطة تطوعية وفعاليات لنشر الثقافة من اليابان إلى العالم.

   هناك أيضاً مجهوداتهناك أيضاً مجهودات مبذولة داخل اليابان مع البلدية ومستضيفي الفعاليات لدعوة فرق من بلدان مختلفة، وتعيين أناس ناجحون بالخارج "كسفراء ليوساكوي" للتعامل مع عامة الشعب. هذه المجهودات عززت من رؤية المهرجان.

   في هذه الأيام، انتشر يوساكوي في مناطق كثيرة حول العالم. وبدأت تقام الفعاليات في تسعة وعشرون دولة ومنطقة حول العالم من بينها مدينة نيو يورك أيقونة الولايات المتحدة، ولندن عاصمة المملكة المتحدة، وغانا في أفريقيا.

   يجتمع الكثير من الناس ويتعاونون للسير بحيوية داخل روح الماتسوري عبر الحدود القومية والثقافية واللغوية. وهذه بالتحديد هي الصورة التي كان يوساكوي يهدف إلى تحقيقها. فلماذا لا تشارك إذا كانت لديك الفرصة؟